يارا بدر تتسلم جائزة بطل حرية الصحافة عن زوجها السوري مازن درويش

يارا بدر تتسلم جائزة بطل حرية الصحافة عن زوجها السوري مازن درويش
الرابط المختصر

 

يانغون, 29 أذار 2015 – "حرية التعبير والدفاع عنها واجب بالكلمة التي تعتبر شكل من أشكال المقاومة." هذا ما قالته زوجنة المحامي والمناضل السوري مازن درويش لحضور مؤتمر معهد الصحافة الدولي المنعقد في مينامار بعد إستلامها جائزة المعهد لبطل حرية الصحافة نيابة عن زوجها.

 

"من خلال تعليم الآخرين القراءة والكتابة نشارك في نوع من المقاومة," قالت يارا  بدر في إشارة إلى محاولات زوجها التشارك مع الآخرين بمعلومات عن الصراع الجاري في بلده منذ عام 2011. "بكونه شاهد كان يقاوم العنف."

 

جاءت أقوال بدر في كلمة أمام ما يقارب 250 صحفي وضيف اجتمعوا في الأمسية الأخيرة لمؤتمرهم العالمي لتكريم زوجها مازن درويش والصحفية المكسيكية بريوديسات.

 

درويش المدير المؤسس للمركز السوري للإعلام وحرية التعبير وزميلين معتقلين منذ شباط 2012 على تهم متعلقة بتغطيتهم لمخالفات حقوق الإنسان ووضع حرية الإعلام في سوريا. درويش بقي غير معروف المصير لمدة تسع أشهر وهناك تقارير بأنه تم تعذيبه.

 

الحكومة السورية تجاهلت عدة دعوات دولية لإطلاق سراح درويش كما قال داود كتاب عضو المجلس التنفيذي للمعهد وحاصل على جائزة بطل حرية الصحافة العالمي لعام 2000. في تقديمه لبدر قال كتّاب أن مازن درويش تدرب عنده في عمان وكان من المفترض إطلاق سراحه على أساس العفو العام في 2014 والذي شمل التهمه الموجهه له. ولكن كتّاب قال أن المحكمة السورية أجلت سبعة مرات النطق بالحكم وكان آخرها الأربعاء الماضي.

 

وقالت بدر للحضور " إنّ هذا التكريم هو تكريم لجميع ضحايا "الكلمة- المعلومة" في سوريا. إلى محامي معتقلي الرأي المُختفي قسراً منذ أكثر من عامين خليل معتوق, إلى رامي الهناوي وأكرم رسلان, إلى الكاتب حسين عيسو, إلى ناظم حمادي وسميرة الخليل ولؤي حمادة. وختمت بدر بالقول "من معتقله, يُهدي مازن جائزته هذه إلى الناشطة الحقوقية والكاتبة "رزان زيتونة" المُختطفة منذ 9 كانون الأوّل 2013, وأتشرّف بنقل كلماته: (لرزان: يا ياسمينة دارنا, أسرارنا ليست عميقة. السرّ أنّا لا نُباع ولا نُشترى يا صديقة)."

 

النص الكامل لكلمة يارا بدر

 

السيدات والسادة الكرام,

 

أبدأ بكلمات مازن درويش التي نشرها عام 2007:

 

"اليوم لا يمكننا الحديث عن مفاهيم مثل الديمقراطية والشفافية والتعدديّة دون الحديث عن حرية الإعلام، ورغم محاولات البعض الفصل ألقسري بينهما، إلاّ أنه يوجد بينهما ترابط عضوي يجعلهما متحدين ومتكاملين وكل واحد منهما يشكل مؤشراً ومعياراً لوجود الآخر, ومن غير الممكن تصوّر وجود إصلاح ديمقراطي شامل وحقيقي في المجتمع دون وجود حريّة للرأي والتعبير يكون عمادها الإعلام المستقل المُتحرّر من سيطرة الدولة". / انتهى الاقتباس.

 

وفي مكانٍ بعيد, معزول, مثل سوريا, يُرسَم العالم لسُكانه وفق منظور السلطات الرسمية, شكّلت "ثورة ويكيليس" التي انطلقت عام (2006) أملاً للكثير من صحفييه بأنّنا نعيش فعلاً العصر الذهبي للمعلومة, وأنّه لا شيء يعلو على مبدأ "حريّة الحصول على المعلومات وتبادلها". لكن في بلد تُراقب فيه الكلمة, هو سجنٌ كبير للمعلومة والصحفيين, تحوّل الصراع من أجل الديمقراطية إلى صراع إعلامي في مستوى مُحدّد. إذ يمكن اليوم الحديث عن "الأنموذج السوري" الذي شكّلت الحرب الإعلاميّة فيه نقطة المركز عقبَ آذار 2011. إذ وعلى الرغم من عدد الصحفيين الذي قتلوا أثناء تغطية الصراع في سوريا والذي تجاوز العشرات, فإنّ العالم لا يزال يتساءل حتى اللحظة: هل هذا حقاً ما حدث؟َ!! مُشرّعاً الباب عبر هذا التساؤل للأفراد كما للمجتمع الدولي التهرّب من مسؤولياته.

 

قبل اعتقاله بثلاث أشهر كتب مازن درويش افتتاحية المجلة التي كان "المركز السوري للإعلام وحرية التعبير يصدرها" معنوناً: (عذرا سيدي… لم يعد بإمكانك سجن المعلومة)!

 

اعتبرت النيابة العامة في لا ئحة الاتهام التي قدمتها ضدّ مازن درويش أنّ أنشطة عمل "المركز السوري للإعلام وحرية التعبير" تهدف إلى " ضمان أنّ المنظمات الدولية تدين سوريا في المحافل الدولية", وشملت هذه الأنشطة معلومات رصد نشرت على مواقع الانترنت, ونشر تقارير حول حقوق الإنسان وحالة وسائل الإعلام في سوريا، وحفظ سجل بأسماء المعتقلين، المفقودين، وضحايا قتلوا في مسار الصراع السوري.

فمن أجل عمله على نقل حقيقة ما جرى في سوريا اعتقل مازن درويش في 16 شباط 2012, بقيّ طوال تسعة أشهر لاحقة قيد الاختفاء القسري, تعرّض خلالها للتعذيب الشديد الذي كاد يودي بحياته, وإلى اليوم ترفض السلطات السورية المعنية اطلاق سراحه على الرغم من المناشدات الدولية متمثلة بقرار مجلس الأمن (رقم 2139) الصادر في شباط 2014, ومطالبة الجمعية العامة (بتاريخ 15 أيار 2013), والعديد من المنظمات الدولية الحقوقية.

 

في "الأنموذج السوري" اتفقت جميع أطراف النزاع على استهداف الصحفيين ومنعهم من حريّة العمل, التنقل, والحصول على المعلومات, فضمّ هذا الأنموذج عبر سنيّه منذ 2011 وحتى اللحظة القائمة الأوسع من الانتهاكات بحق ال الصحفيين, المواطنين الصحفيين, والناشطين في المجال الإعلامي والمراسلين الحربيين. نتحدث هنا عن سلسلة انتهاكات ليست مجرّد متوافقة كخبرات متبادلة, بل عن مستوى أكثر خطورة وتعقيداً من أشكال الانتهاكات المُتكرّرة الحدوث التي يذهب الإعلاميون في مناطق النزاع ضحيتها عادة.

في سوريا كان الإعلاميون في المناطق التي تسيطر عليها القوّات السورية ضحيّة ل(الاعتقال التعسّفي- المحاكمات غير العادلة والقصف العشوائي) وشكّلت قضية مازن درويش أوضح مثال حيث اعتبرت هيئة خبراء الأمم المتحدة المعنية بقضية الاحتجاز التعسفي في كاون الثاني 2014 أنّ احتجاز مازن درويش قد تمّ تعسفاً ودعت إلى الإفراج عنه.

 

كذلك كان الصحفييون في سوريا ضحيّة ل (الاستهداف المباشر/ القنص- التعذيب- الخطف- الاختفاء القسري- القتل العمد) من قبل هذه السلطات ومن قبل الجماعات المُسلّحة, وكل من هذه الجرائم هي خروقات للقانون الإنساني الدولي, إلاّ أنّ أنّ الفيديوهات التي بثّها تنظيم "داعش" الجهادي لعمليات قطع الرؤوس التي نفذّها بحق إعلاميين أجانب وضعتنا أمام حالات جديدة من الانتهاكات الوحشيّة كالإعدامات غير الشرعيّة التي هي جريمة حرب وفق المادة (8) من نظام روما اللأساسي (2- إصدار أحكام وتنفيذ اعدامات دون وجود حكم سابق صادر عن محكمة مشكّلة تشكيلاً نظامياً تكفل جميع الضمانات القضائية المُعترف عموماً بأنّه لا غنى عنها).

 

لا يزال مازن درويش خلف القضبان, ولا نزال نخسر الإعلاميين كلّ يوم, والهدف: إحكام الستار الحديدي الذي يحجب دخول وخروج المعلومات, التشكيك بصحّة المعلومة, للتهرّب من المسؤولية القانونيّة والأخلاقية تجاه الضحايا. فهل سنقف عاجزين أمام كلّ هذا؟؟ ألم يحن الوقت لتحرّك فاعل وحقيقي لحماية الصحفيين في أماكن النزاع؟!!

 

مازن لم يزل يقاوم في معتقله العنف الذي تعيشه البلاد بعد أن فقدت أصواتها المدنية السلمية, وافرغت ساحاتها لأصوات السلاح والتطرّف, عبر اصراره على أنّ: "حريّة التعبير قيمة والدفاع عنها واجب" يقاوم, عبر الكلمة يقاوم, من خلال تعليم الآخرين القراءة والكتابة يقاوم, وبكونه شاهداً يقاوم.

يقول مازن:

 

(للأسف لقد احتجنا إلى كل تلك الدماء لنؤمن أنّنا نحن من سيدفع الثمن حياتنا ومستقبلنا عندما نمنع هؤلاء الذين يختلفون معنا في الرأي من التعبير عن آرائهم، ولندرك أخيراً أنّنا نحفر قبرنا بأيدينا عندما نرتضي أن يُواجَه الفكرُ بالتكفير، والرأي بالعنف. الأمر الذي تبدو نتائجه الكارثيّة جليّة اليوم في عالمنا العربي، وخصوصاً في سوريا بلدي). / انتهى الاقتباس.

 

إنّ هذا التكريم هو تكريم لجميع ضحايا "الكلمة- المعلومة" في سوريا. إلى محامي معتقلي الرأي المُختفي قسراً منذ أكثر من عامين خليل معتوق, إلى رامي الهناوي وأكرم رسلان, إلى الكاتب حسين عيسو, إلى ناظم حمادي وسميرة الخليل ولؤي حمادة.

 

من معتقله, يُهدي مازن جائزته هذه إلى الناشطة الحقوقية والكاتبة "رزان زيتونة" المُختطفة منذ 9 كانون الأوّل 2013, وأتشرّف بنقل كلماته: (لرزان: يا ياسمينة دارنا, أسرارنا ليست عميقة. السرّ أنّا لا نُباع ولا نُشترى يا صديقة).

أضف تعليقك