"نعمة"
أكاد أجزم أن والديها كانا مختلفين، فهما وفي مجتمع ذكوري بحت قبل عقود لم يعتبرا فقط مجيء الأنثى نعمة، بل أنشئا سيدة حرة بخياراتها، شجاعة بمواقفها.
نعمة الحباشنة امرأة أردنية من جنوبه الجميل، وللجنوب دائما قصة مع الشجاعة و الحرية.
نعمة تزوجت من رجل عربي مغربي وعاشت معه في الوطن العربي عندما كانت الحدود من المحيط الى الخليج وكان نشيد بلاد العُرب أوطاني يصدح كل صباحٍ على ألسنة طلاب المدارس في البلاد العربية.
نعمة الحباشنة الأردنية ابنة عائلة كركية معروفه وصل منها أشخاص لمناصب رفيعة في الدولة الأردنية.
لم تكن كركيتها الأردنية أو أنوثتها عائقا بينها وبين قراراها الذي هو من الطبيعي أن يكون حراً باتخاذ من رضيته زوجاً لها.
إلا أنها اكتشفت فيما بعد أن كركيتها وأردنيتها تتعارضان مع أنوثتها وأمومتها، تتعارض مع أهم أساس لوجودها في بلدها باعتبارها مواطنة ينطبق عليها ما ينطبق على أي رجل الأردني من حقوق وواجبات كما تعلمت وكما ذكر الدستور بمادته السادسة.
بعد موت رفيق العمر وتركه لها العائلة لتتكفل بأمورها، تبين لها كل المخاطر التي قد تحول دون استقرارها و أبناءها على أرض وطنها الأردن، أصبحت عائلتها مهددة بالتشرذم كيفما اتفق وضع أبنائها و بناتها التي لم تكن تملك صك الغفران بأن يبقوا معاً، دون أن يفرقهم أي سبب لعدم تجديد الإقامة وغيره من ظروف لا يتعلمها سوى نساء الأردن اللواتي تزوجن من غير أردني واخترن أن يعشن على تراب وطنهن .
نعمة امرأة لم ترض أن تتسول حقها وحق أخواتها.. انطلقت كاللبؤة تطالب بحقها في إعطاء جنسيتها لعائلتها وجمعت حولها المتضررات و الكثير من المؤازرين و المؤازرات وأسست حملة (أمي أردنية وجنسيتها حق لي).
صوت نعمة الحباشنة أصبح صوت مسموع في المحافل المحلية والدولية وعلى أجهزة الإعلام وفي صفحات التواصل الاجتماعي، صوت يطالب بالعدالة الاجتماعية والمساواة... امرأة مُذهلة لم يثنها الطقس ولا الظروف المادية المحدودة عن أن تكون قائدة اعتصامات متكررة أمام مجلس النواب الأردني ومجلس الوزراء، رافعة شعارها.. أمي أردنية وجنسيتها حق لي.
نعمة هذه المرأة الأردنية الأبيّة.. حاربت معركة حقوق المرأة في وطنها ولم تتوقف.. إلا أن معركة أخرى باغتتها.
نعمة تصارع مرضها وعينها على أبنائها وبناتها و حملتها وكل تلك النسوة اللواتي كن يستمدن منها العزيمة.
نعمة الحباشنة المرأة الأردنية المناضلة، كان الله بعونك ومعك، نعمة يا رفيقتنا نحن على العهد لأن من حق كل أطفالنا أن يفتخروا بنصفهم الأردني، بأخوالهم.. بعائلاتهم.. لأن من حقهم أن يقولوا أمي أردنية وجنسيتها حق لي.