ملاحظات على إقرار آلية جديدة للحصول على التمويل الأجنبي

ملاحظات على إقرار آلية جديدة للحصول على التمويل الأجنبي
الرابط المختصر

 

ملاحظات سريعة على قرار مجلس الوزراء بإقرار آلية جديدة للحصول على التمويل الأجنبي.

أولاً: الحق في التنظيم

- تأليف مؤسسات المجتمع المدني والانضمام إليها حق دستوري، مدني، وسياسي، راسخ في الدستور الأردني والقانون الدولي. لا غنى عنه من أجل تعميق الديمقراطية والتعددية.

 

- مؤسسات المتجمع المدني، منظمات غير ربحية تطوعية في "الأصل"، تمارس أدواراً شتى في التأثير على السياسيات العامة، والضغط والرقابة على عمل سلطات الدولة، وتنظيم المجتمعات، والدافع عن مصالحها.

ثانياً: الحق في التمويل

 

- الحق في الحصول على التمويل، وتلقيه، واستخدامه، وطلبه؛ مصان في صكوك ومواثيق دولية تحمي حق مؤسسات المجتمع المدني في الحصول على التمويل، وملزمة للأردن، ومثالها إعلان حماية المدافعين عن حقوق الإنسان عام 1998، الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة. بوصف التمويل عنصرا أصيلا من الحق في حرية التنظيم، ويؤدي إلى إعمال حقوق أخرى.

 

- تنص المادة (3) من الإعلان سابق الذكر، "لكل شخص بمفرده، وبالاشتراك مع غيره الحق في التماس وتلقي واستخدام موارد يكون الغرض منها صراحة هو تعزيز وحماية حقوق الإنسان، والحريات الأساسية بالوسائل السلمية".

 

- التمويل الأجنبي جزء من التعاون الدولي والذي يحق للمجتمع المدني أن يستفيد منه كما تستفيد الحكومة.

- التمويل الأجنبي هو أموال موجودة في صناديق مدنية عالمية، لدعم مشاريع مدنية مجتمعية ريادية، ووضع إجراءات بيروقراطية من الحكومة، يحرم المؤسسات الأردنية من المنافسة، وتخسر بموجبه التمويل، لصالح مؤسسات مدنية في دول أخرى. الحكومة تساهم بذلك في تعثر مؤسسات قائمة، تشغل مواطنين، وتحرك الاقتصاد، وتساهم في التغيير الايجابي.

 

ثالثاً: القرار الجديد تقليم لا تنظيم

 

- الحكومة قررت سحب بساط التمويل الأجنبي من تحت أقدام المجتمع المدني بأدوات قانونية، ظاهرها التنظيم، وباطنها التقليم.

 

- ينص تقرير المقررة الخاصة بحالة المدافعين عن حقوق الإنسان في الأمم المتحدة في تموز 2011 " عندما يكون الأفراد أحراراً في ممارسة حقهم في التنظيم، ولكنهم يحرمون من تلقي التمويل المطلوب؛ لتنفيذ نشاطاتهم وتشغيل منظماتهم؛ فإن الحق في التنظيم يصبح معطلاً".

 

- إقرار الحكومة لآلية جديدة للحصول على التمويل، تتضمن الحصول على ترخيص مسبق من أجل تلقي التمويل، يؤثر بشدة على قدرة المجتمع المدني في تنفيذ نشاطاته، وفي بعض الأحيان تهدد وجود منظمات حقوقية وإنسانية، وهذا ما حصل مع مركز تمكين سابقاً بمنعه من تلقي تمويل من 4 منظمات دولية. بعد أن أصدرت تقارير انتقدت فيها الحكومة، ما ارتقى إلى ممارسات الانتقام والترهيب، المجرمة دولياً.

 

- آلية للحصول على التمويل بموجب قرار صادر عن مجلس الوزراء، يكون عرضة لتغيير والتبديل وفق أهواء الحكومة وشخوصها. فيه انتهاك لحق الناس في تأليف مؤسسات مدنية مستقرة.

 

- القرار الجديد يظهر بوضوح الازدواجية والتضارب في تعدد المرجعيات، بين وزارة التخطيط، وسجل الجمعيات، واللجنة التنسيقية، والوزارات المعنية، ومجلس الوزراء.

 

- تضمنت الآلية منح صلاحيات واسعة لمجلس الوزراء وسجل الجمعيات، ووزارة التخطيط، واللجنة التنسيقية، في قبول التمويل دون سند تشريعي وقانوني واضح، خاصة للمؤسسات المسجلة كشركات غير الربحية.

 

- تحديد آلية للحصول على التمويل بموافقات حكومية بيروقراطية مسبقة، تأخذ أسابيع وأشهر، يشكل مخالف للمعايير الدولية المتعلقة بحق مؤسسات المجتمع المدني في الحصول على الدعم المالي، دون تقيد أو إبطاء.

 

رابعاً: الحكومة في مواجهة المجتمع المدني.

- استقلالية منظمات المجتمع المدني، شرط مسبق لنجاحها في القيام بدورها بحرفية ومهنية وإتقان. رغم أن الاستقلالية نسبية ومتفاوتة بين مؤسسة وأخرى، إلا أن الحكومة وأجهزتها شعرتا بالخطر من تعزيز قوة البعد الجماعي لعمل المجتمع المدني.

 

- العديد من مؤسسات مجتمع مدني أخذت تكبر، تُنظم نفسها، تعمل، وتؤثر في محيطها. في غياب التمويل المحلي، وحضور التمويل الأجنبي صاحب الفضل في ضمان حرية عملها، وخروجها من حضن الحكومة.

 

- الحكومة غير عادلة في التعامل مع مؤسسات المجتمع المدني، فالمساواة غائبة بين مؤسسات المجتمع المدني "الملكية" المؤسسة وفق قوانين خاصة لكل منها أمثال (نور الحسين، نهر الأردن، الصندوق الأردني الهاشمي، مؤسسة الأمير حسين، وغيرها ) مع مؤسسات المجتمع المدني الأخرى.

 

- مؤسسات مجتمع مدني أردنية دخلت منافسات عالمية نزيه، ربحت مشاريع كبيرة، والتمويل المخصص لها. وحصلت مشروعاتها على جوائز عالمية أيضا.

 

- الحكومة الرشيدة تعتاش على المساعدات والمنح الأجنبية، منذ أن تأسست الإمارة إلى تاريخ كتابة هذه السطور. ينافسها اليوم جسم جديد نسبياً في الحياة العامة اسمه المجتمع المدني. التنافس للأسف غير متوازن في القوى، بين حكومة تملك سلطة التنفيذ، وتهيمن على سلطة التشريع، ومجتمع مدني في طور التأسيس، دون حواضن مجتمعية داعمة.

 

خامساً: حجج ومبررات بالية

- تقيد قدرة المنظمات على ممارسة نشاطات مشروعة في الدفاع عن حقوق الإنسان، بمبررات تنظيم القطاع، وغسيل الأموال، وتمويل الإرهاب، أو زيادة فاعلية المساعدات الدولية، ما هي إلا تبريرات مفتعلة هدفها الحقيقي تضيق الخناق على المجتمع المدني، بحسب التقرير الاممي المشار إليه سابقا.

 

- الحكومة التي تخضع للإملاءات الدولية تغمز في قناة المجتمع المدني بتطبيق أجندات أجنبية يحكمها التمويل، "قد تكون محقة في ذلك". لكن موازنة الدولة ومشاريعها قائمة أيضا على التمويل الأجنبي، وقوانين أقرت ولم تطبق إرضاءً للمانح. الحكومة ترضخ في كل عام مرة أو مرتين لوصفات صندوق النقد الدولي وغيرها من الصناديق السيادية العالمية.

 

- الحكومة التي تعاني من نقصان في منسوب الشفافية والنزاهة، تتهم المجتمع المدني بالفساد، وكأنها برئيه منه. لا ننكر أن هناك مؤسسات مدنية تخدم أشخاص وعائلاتهم، وهناك مؤسسات تنالها شبهات فساد من كل حدب وصوب، وهناك الكثير ليقال في هذه المجال....لكن هذا ليس مبرر لتضيق الحكومة على المجتمع المدني كله، وتقليم عوده الذي لم يشتد بعد.

 

- الحكومة التي تنالها شبهات فساد، وتتهم المجتمع المدني بذلك، لا تستطيع العمل إلا مع مؤسسات تنال نصيبها من ذات الشبهات، ليظهر السؤال أين القضاء من كل ما يقال؟ حتى لا يؤخذ الصالح بجريرة الطالح.

- لا احد ينكر أن المجتمع المدني بحاجة إلى تنظيم، والتنظيم يجب أن يكون ذاتياً من الجسم ذاته، لا أن يفرض عليه. التنظيم المطلوب يعالج جميع قضايا النزاهة، والشفافية، الحاكمية الرشيدة، المأسسة، والتمويل. واليوم هناك مؤسسات مجتمع مدني بادرت إلى ذلك، في مجموعتين.

 

- الحجج التي تسوقها الحكومة للسيطرة على التمويل والتحكم به وتوزيعه، مخالفة للمنطق، ولأبسط المعايير الحقوقية والإنسانية والديمقراطية.

 

- مؤسسات المجتمع المدني يجب أن تنافس بعضها محليا ودوليا، للحصول على الدعم المالي. من خلال البرامج التي تطرحها وتعمل عليها. والبقاء لمن يؤثر، يغير، ويعمل، وتوزيع التمويل "بعدالة" من قبل الحكومة كلام باطل يراد به باطل.

 

سادساً: ما هو المطلوب؟

 

- المبادرة لإنشاء هيئة مستقلة غير حكومية، تضم ممثلين عن المجتمع المدني، تشرف على عمل إشهار مؤسسات المجتمع المدني، دون أن تتدخل الهيئة في عمل المؤسسات، بحيث تتمتع مؤسسات المجتمع المدني بكامل استقلاليتها، وحريتها في إدارة شؤونها.

 

- تتبنى المؤسسات ميثاق في الشفافية والنزاهة والحكم الرشيد. تعرض بموجبه تقاريرها المالية، والإدارية، وموازناتها، والمنح المقدمة، ومقدارها، وأسماء الممولين للعلن.

 

- مأسسة المنظمات المجتمع المدني، وهيكلتها، وتنظيمها، عبر أنظمة داخلية معلنة.

 

- أن يتم تداول الإدارة (السلطة) داخل منظمات المجتمع المدني عبر انتخابات حرة، ضمانا للشفافية والحكم الرشيد. وتعزيزا للديمقراطية.

 

- الاهتمام بالمحافظات، وعدم تمركز مشاريع مؤسسات المجتمع المدني في عمان.

 

- العمل على زيادة مستوى الوعي بين الإفراد والشركات بأهمية التبرع للمجتمع المدني ومؤسساته.

 

- إشهار الإدارات العامة والمالية ومجالس الإدارة في منظمات المجتمع المدني لذممهم المالية، لحد من الثراء غير مشروع.

أضف تعليقك