رسالة للرزاز في الإدارة والإعلام

الرابط المختصر

 

في شباط الماضي ،عندما كان لنا شرف لقاء جلالة الملك عبدالله الثاني ضمن مجموعة مختارة من المحللين السياسيين والاستراتيجيين والخبراء الذين تملا مقابلاتهم وحواراتهم ومقالاتهم صحف وفضائيات ووسائل اعلام محلية وعربية وعالمية ،تمنيت ان تتاح لنا الفرصة للحديث امام جلالته عن هموم الاعلام والإدارة ، لكن اثرت استغلال الوقت القليل المخصص لكل واحد منا للحديث عن الشأن الإسرائيلي ،مجال اختصاصي ، لأهميته في هذه المرحلة الحساسة .



اليوم ،وبعد ان اصبح احد المواقع الاعلامية القيادية شاغرا ،وليس بعيدا عن وقت صدور نظام التعيين على الوظائف القيادية ،وما حمل معه هذا النظام من شفافية ومعايير إيجابية نضع دولة رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز امام مسؤولياته ،وولايته العامة.



الرئيس الرزاز يخضع اليوم لاختبار حقيقي ،ونضعه تحت المجهر ،هل سينصاع الى ما جاء في الورقة النقاشية السادسة لجلالة الملك ،والتي يذكرها كثيرا في تصريحاته ،والتي ركزت على ضرورة توفير القيادات الحصيفة ،هذه القيادات التي افتقدناها منذ زمن ،ووصلنا نتيجة ذلك الى ما نعانيه اليوم من ترهل اداري لا يخفى على احد ؟ ،ام انه سيبقى على النهج المقيت السائد والذي اتبعه العديد ممن سبقوه ،نهج الواسطة والمحسوبية ،والتنفيعات ،ومحاسيب فلان وفلان على حساب الكفاءة وتكافوء الفرص ،ومصلحة الوطن ،الامر الذي دمر الادارة العامة في المملكة ،وأعادها عشرات السنيين الى الوراء .



لا نريد من دولة الرزاز هذه المرة الخضوع لرغبات نواب الشمال او الجنوب او الوسط ، او رغبات رجالات الدولة ،ووساطات رؤوساء الوزراء السابقين ،او اتخاذ قرارات وتعيينات تسترضي العشيرة الفلانية او المخيم الفلاني، او هذا التيار او ذاك، دون الالتفات الى معايير الكفاءة والخبرة للتعيين في وظيفة قيادية اعلامية شاغرة مهمة للغاية ،وهنا اتحدث عن شاغر مدير عام وكالة الانباء الاردنية (بترا) .



يلعب الاعلام اليوم دورا استراتيجيا مهما في النظام العالمي الجديد ،القائم اساسا على الثورة الرقمية ،اذ اصبحت وسائل الاعلام بمثابة سلاح استراتيجي تستثمره كثيرا من الدول لخدمة مصالحها ،ومن هنا وضعت استراتيجيات ومنهجيات ثابتة لتحقيق الهدف المنشود ،ولا ننسى هنا القاعدة الاساسية في عالم الاعلام الاحترافي الناجح ،والتي تقول " Money Talks ".



اليوم والدولة الاردنية تستعد للدخول في مئويتها الثانية ،نجد ان اعلام الدولة احوج ما يكون لنهضة حقيقية شاملة ،تنقذ صحفنا من ازماتها ،وتعيد لإعلامنا القه وتأثيره السابقين ،اليوم للأسف نشعر اننا نفقد البوصلة في كثير من الاحيان ،وأصبحنا لا نمتلك القدرة الكافية على مواجهة عواصف عاتية من البروباغاندا الخارجية المضادة ،التي تهدد الامن الوطني الأردني ،وأصبحت الشائعات تعصف بنا من كل حدب وصوب ،اما عن تأثير منصات التواصل الاجتماعي فحدث ولا حرج .



يؤلمني كثيرا اليوم معاناة صحفنا ووسائل اعلامنا وأزماتها المتكررة التي تربك ادائها وتخرجها عن الهدف الذي وجدت من أجله ،هل يعقل يا دولة الرئيس انه لا يوجد اليوم ولو وسيلة اعلام اردنية واحدة ،صحيفة كانت ام غيرها ،تحتفي سوية مع الدولة الاردنية الدخول بمئويتها الثانية !!



قبل ايام احتفلت صحيفة "هآرتس" الصهيونية بالذكرى المئوية الاولى على انطلاقها ،وهي اليوم تزداد قوة ونفوذ وعنفوان ،في المقابل اندثرت عندنا اول صحفية اردنية " الحق يعلو" منذ عشرات السنيين، ثم اختفت صحيفتي " العرب اليوم" ،و" الشعب"، ولم يبق لهما اثر،واليوم نسمع عن ازمات متكررة في " الرأي " ، و"الدستور" ، و"الغد" ، ثم تختفي فجأة النشرة الانجليزية – الواجهة الاعلامية الاردنية الوحيدة الى العالم- من على شاشة التلفزيون الاردني ،ثم تظهر تجارب اعلامية جديدة اخرى ولدت مشوهة ،وتحتاج اليوم الى تصحيح المسار ،يا ترى الى متى سيستمر هذا الوضع؟؟



دولة الرئيس ،مشكلتنا في الاعلام اليوم تكمن في غياب المنهجيات والاستراتيجيات الصحيحة الثابتة ،وفقدان الادارات الحصيفة التي نادى بها جلالة الملك ،ان الاوان للانصياع لرغبة جلالته، والابتعاد عن نهج الواسطة والمحسوبية والتنفيعات، لا نريد للدولة الاردنية الحديثة ،دولة النهضة ،ان تدخل مئويتها الثانية وهي تتحول شيئا فشيئا ،لا سمح الله ،من مفهوم "الدولة العميقة" الى مفهوم "الدولة الفاشلة" بسبب الترهل الإداري دولة الرئيس ،الكرة في ملعبكم ،نحن اليوم نراقبكم ونختبركم ، وهذه المرة لن ترحمكم أقلامنا ،ودمتم .