"رامز جلال مجنون رسمي"... شهرةٌ يصنعها النّقد
لطالما كانت برامج المقالب مثيرةً للجدلِ، ومعرّضة للنقدِ واستهجان بعض الفئات من المشاهدين، ففكرةُ المقلبِ بحدّ ذاتِها تنتج عن تفكير شرّير وخبيث لإيجاد طريقةٍ تجعلُ ضحيّة المقلبِ في وضعٍ غير مريح، بل إنها عمليّة تخطيط جادة في أن تجعل الآخر مُضحكًا و مثيرًا للسخرية وأحيانًا للشفقة، إذ يتعرّض للعديد من المواقف الغريبة وغالبًا المروّعة وبعض الأحداث الصادمة قبل أن يكتشف أن الأمر مجرّد مزحة أو دعابة من النّوع الثقيل!
إن برامج رامز جلال التي استمرّت على مدار تسع سنواتٍ في الموسمِ الرمضاني على شاشة الـmbc قد تكون استهلكت نفسها واهترأت فكرتها المطروحة وذلك بسبب تكرارها على الرغم من تغييرِ القالبِ الموضوعةِ فيه، إذ لا جديد في ما يُقدّم كل عام سوى تغيّر في أساليب المقالب، وإن كان رامز جلال قد نجح في بدايته وحاز على ملايين المشاهدات باعتباره برنامجًا خارجًا عن المألوف فهو اليوم يحصل على ذاتِ الشهرة إنما بسبب ما يتعرض له من هجوم و نقدٍ حاد، يبدأ من تغريداتٍ و تعليقاتٍ تشتمه و تصفه بالجنون والساديّة، انتهاء برفع قضايا قانونية بحقّه مطالبةٍ بإيقافه.
تعذيب وهميّ أم جنون رسميّ؟
من المُلاحظ أن رامز جلال في كلّ مرةٍ يتعرض فيها للنقدِ والسخرية تزيده إصرارًا على الاستمرار، بل إنها تغذّي وحش الساديّة الذي يُطلقه على ضاحاياه، وتؤجج رغبته في تعذيب الآخرين واستدراج المزيد من الضحايا كل عام، إذ إن رامز يشبه البطل الهندي حين تعرّضه لعشرات الرصاصات في جسده ويخرج من النيران حيّا لينتقم.
ووصل الأمر فيه إلى أن يحضر الضحيّة ويربطها بإحكامٍ بكرسي التعذيب و يجبرُ الضحيّة على التملّق والغناء له، بل ويعرّضهم لضرباتٍ كهربائية، ويُغرقهم في المياه ويقلبهم بالكرسي رأسًا على عقب، كما حصل مع عددٍ من الفنانين كأمينة خليل وياسمين صبري وحمدي المرغني و آخرين.
يقول البعض بأن البرنامج يقوم على اتفاقٍ مُسبق بين منتجيه والضحية وبأنه يتم يدفع مبالغ طائلة للفنانين مقابل حضورهم ومشاركتهم لرامز مقالبه المفزعة، صحيح أن ذلك يظل مجرد احتمال وليس ثمة دليل قاطع على ما يُقال، لكن حتى وإن كان مُفبركًا وغير حقيقي يظلّ السؤال قائمًا: هل يجوز تقديم مشاهد تعذيب الآخرين والسخرية منهم والاستهزاء بهم وشتمهم صراحةً على أنها مشاهد مثيرة للضحك؟
فسواء علم الضيف بما ينوي رامز القيام به أم لم يعلم فإن ذلك لا يغير من حقيقة أنها مشاهد تنمّر غارقة في الساديّة وتُقدم للعائلات بما فيهم الأطفال على أنها ترفيهية وباعثة على الضحك!
نجوميـــة مستعارة
بعد اطلاعي على نسب المشاهدات المرتفعة لحلقات برامج المقالب الخاصة برامز جلال تساءلت عن السبب في كونه برنامجًا يتابعه عدد كبير جدا من المشاهدين، إذ أن هناك العديد من برامج المقالب التي تُعرض على الشاشات إلا أنها لا تحصل على نسبٍ و لو حتى قريبة مما تحققه برامج رامز جلال في كل عام.
وقد يُعزى ذلك للعديد من العوامل والأسباب منها التوقيت الذي يُعرض فيه البرنامج، فمن المعروف أنه يبث خلال شهر رمضان المبارك، و يتم الترويج له من خلال إعلانٍ ضخم على شاشة بارزة في الوسط التلفزيوني كشاشة الـ mbc، كما أن عرضه من عامٍ لآخر يخلق حالة من الترقب لدى المشاهد و فضولًا لمعرفة ما سيقدمه في هذا العام وما بعده.
ومن الأسباب التي لعبت دورًا في غاية الأهمية وساهمت بشكلٍ كبير بارتفاع أعداد المشاهدين، أن ضيوف البرنامج فنّانون ومشاهير حيث كان بعضهم على مستوى عالمي كباريس هيلتون مثلًا، فوجود الفنان أو المشهور في البرنامج وجعله ضحية وإبرازه للمشاهد يتصرف بكل عفوية وعلى طبيعته يخلق نوعا من الفضول لدى المتلقي لمعرفة كيف سيتصرف الفنان أو المشهور إزاء الموقف الذي سيوضع فيه، و كيف ستكون ردة فعله بعد اكتشافه وقوعه في المقلب.
وهذا يجعلنا نتساءل عن ما إذا كان الناس يشاهدون البرنامج لأن رامز يمتعهم حقّا ويجدونه ظريفًا ويثير ضحكهم؟ أم أنهم يرغبون في مشاهدة ردود فعل الضحايا من المشاهير والفنانين؟ وهل كانت برامج رامز جلال ستحقق هذه النسب من المشاهدات لو كان الضيوف أشخاصًا عاديين شأنها كشأن برامج الترفيه و الكاميرات الخفية؟؟
تسع سنوات عِجاف
صحيح أن برامج المقالب يتم بثها تحت مسمى الترفيه والضحك، لكن هل يمنع كونها برامج ترفيهية وكوميدية من تقديم رسالةٍ أو أن تقوم على هدف معيّن غير إثارة الضحك والسخرية؟ مع أن الضحك ورسم البسمة على الوجوه يعتبر من أنجع الطرق التي قد نوصل من خلالها رسالة للطرفِ الآخر، فللابتسامةِ سحرٌ لا شك في أثره على الآخرين.
لكن برامج رامز جلال استمرت سنواتٍ تسع دون توجيه رسالة أو هدف، وتجاوزت ذلك للشتمِ والتعبير بألفاظ غير لائقة، قد يقول قائل أنه يتلفظ ما نسمعه ويفعل ما هو موجود في حياتنا، وهذا صحيح، لكن بوجود نسب عالية من المشاهدات كما ذكرت سابقا وعرض البرامج على شاشةٍ بارزة لم لا يتم استغلال كل ذلك بما يخدم المجتمع و يوجه الأفراد ولو برسائل توعوية عابرة تجاه قضيةٍ محليّة أو عالميّة، قد يقال بأن ذلك ليس وظيفة برامج الترفيه، وأقول لم لا؟ خاصة في الظروف الصعبة التي يمرّ بها عالمنا على الجميع أن يقوم بدوره و كل في موقعه لخدمةِ البشرية و الرقيّ بأهدافنا و تطلعاتنا.