استمرار ارتفاع درجات الحرارة والحرائق بأمريكا الشمالية (شاهد)
سجّلت درجات حرارة حارقة في غرب الولايات المتحدة وكندا مع بداية الأسبوع، مع استمرار التحذيرات بشأن ارتفاع الحرارة الإثنين فيما تكافح السلطات للسيطرة على حرائق الغابات في كلا البلدين.
وضربت موجة من الطقس الحار مجمل المناطق الساحلية المطلة على المحيط الهادئ وشملت الداخل حتى الطرف الغربي لجبال روكي.
وحذّرت الدائرة الوطنية للأرصاد الجوية في الولايات المتحدة من موجة قيظ خطرة وقالت إنه يحتمل أن تسجّل درجات حرارة قياسية خلال عطلة نهاية الأسبوع، وتوقعت درجات حرارة تصل إلى ما بين 52 و54 مئوية في ديث فالي في كاليفورنيا، والذي غالبا ما يكون أكثر المناطق حرا في البلاد.
وأشارت الدائرة إلى أن درجات الحرارة ستنخفض قليلا اعتبارا من الاثنين مستدركة أن "هذا الانخفاض القليل نسبيا في درجات الحرارة لن يريح المناطق التي شهدت درجات حرارة أعلى من المعدلات الطبيعية لوقت طويل".
وتابعت: "التحذيرات من الحرارة المرتفعة ما زالت سارية المفعول لمعظم مواقع المنطقة حتى الثلاثاء".
وتوقّع خبراء أرصاد جوية كنديون استمرار ارتفاع الحرارة واقترابها من 32 درجة مئوية في أجزاء من غرب كندا الاثنين، أي أعلى بكثير من المعايير الموسمية.
حرائق غابات
ما زال حريق في شمال كاليفورنيا مشتعلا ليل الأحد تغذيه الحرارة المرتفعة والرياح المتزايدة.
وقالت السلطات إنها تلقت تقارير عن أن الحرائق أتت على منازل في العديد من البلدات وحضت السكان على الابتعاد، مع صور من المنطقة تظهر سيارات ومنازل محترقة.
وبدت مساحات شاسعة من الغابات في بيكوورث مشتعلة، مع ارتفاع سحب دخان ضخمة فوق التلال.
في ولاية أوريغن، توسع نطاق حريق "بوتليغ فاير" أكثر من ثلاث مرات بين الجمعة والأحد، آتيا على أكثر من 100 ألف فدان وفقا لخدمة الغابات الأمريكية.
وفي كندا، اندلع أكثر من 50 حريق غابات في اليومين الماضيين.
وأعلن وزير النقل الكندي عمر الغبرا الأحد إجراءات طارئة جديدة تهدف إلى منع اندلاع المزيد من حرائق الغابات في هذه المنطقة الجافة، بما فيها تدابير من شأنها إبطاء حركة القطارات أو الحد منها.
وتعتبر القطارات سببا شائعا لحرائق الغابات، خصوصا عندما تكون أجهزتها لوقف الشرارات غير مصانة بشكل جيد.
كذلك، أغلقت العديد من الطرق والطرق السريعة في المنطقة فيما صنفت الحكومة خطر حرائق الغابات في معظم أنحاء المقاطعة على أنه "شديد".
وبقيت عشرات البلدات والمناطق خاضعة لأوامر بالإخلاء.
وأرسلت الحكومة الكندية محققين إلى بلدة ليتون الواقعة على مسافة 250 كيلومترا شمال شرق فانكوفر، لمعرفة ما إذا كان قطار شحن عابر قد تسبب في حريق أواخر حزيران/ يونيو الفائت والذي دمر 90 في المئة من المدينة.
واستمر عدد حرائق الغابات في أنحاء مقاطعة بريتيش كولومبيا في الارتفاع حتى ليل الأحد، وقد وصل إلى أكثر من 300 حريق، وفق السلطات.
تغيّر المناخ
ويأتي الطقس الحار في عطلة نهاية الأسبوع بعد موجة قيظ سابقة ضربت المناطق نفسها نهاية حزيران/ يونيو.
وأظهرت دراسة أجرتها مجموعة من كبار علماء المناخ، أن هذه الظروف كانت ستكون "مستحيلة" بدون تغير المناخ الذي سببه الإنسان.
وقالت مجموعة "وورلد ويذر أتربيوشن" إن الاحترار المناخي الناجم عن انبعاثات الغازات الدفيئة، زاد احتمال حدوث موجة الحر التي ضربت في حزيران/يونيو، 150 مرة على الأقل.
والقيظ جعل المستوى القياسي لأعلى درجة حرارة يومية يتحطم ثلاثة أيام على التوالي في بريتيش كولومبيا.
وكان الشهر الماضي الأكثر حرا على الإطلاق في حزيران/ يونيو في أمريكا الشمالية وفقا للبيانات الصادرة عن خدمة مراقبة المناخ في الاتحاد الأوروبي.
وأدى النشاط البشري إلى ارتفاع درجات الحرارة العالمية بنحو 1,1 درجة مئوية، ما سبب مزيدا من العواصف المدمرة وموجات الحر الشديدة والجفاف وزيادة حرائق الغابات.
وأشارت المنظمة الدولية للأرصاد الجوية وخدمة الأرصاد الجوية البريطانية في أيار/ مايو إلى أن احتمال ارتفاع درجة الحرارة العالمية فوق 1,5 درجة مئوية عما كانت قبل الثورة الصناعية، في السنوات الخمس المقبلة، هو 40 في المئة.
وسجّل خلال السنوات الست الماضية، من ضمنها العام 2020، أعلى درجات حرارة على الإطلاق.
الماعز يساعد
تحسبا للحرائق التي تأتي على مساحات واسعة في كاليفورنيا سنويا، تستعين فرق الإطفاء في الولاية برؤوس ماعز تقوم مهمتها على رعي العشب لتخليص الأراضي من أي نباتات قابلة للاشتعال وحماية المنازل المجاورة من النيران.
في هذا اليوم الحار من تموز/يوليو، ينتشر قطيع من حوالي 80 رأس ماعز على الأراضي المحيطة بمرتفعات غلينديل قرب لوس أنجليس.
هذه الحيوانات موجودة منذ قرابة عشرة أيام في المكان، مع مهمة محددة تقضي برعي الأعشاب لمنع تمدد النيران إلى المنازل.
وقد كان 2020 أسوأ عام في تاريخ كاليفورنيا الحديث على صعيد الحرائق، إذ أتت النيران على أكثر من 1,5 مليون هكتار من المساحات الحرجية. ومع موجات القيظ المتكررة والتغير المناخي، تخشى السلطات أن تصبح هذه المآسي الطبيعية أمرا اعتياديا. لذا فإن أي مساعدة في التصدي للحرائق مرحب بها من أي جهة أتت.
ويوضح جيفري راغوزا قائد إطفائيي غلينديل لوكالة فرانس برس "بدأنا نسمع كثيرا عن رؤوس الماعز من السكان وباقي الإطفائيين والمدن الأخرى، وكلما تعمقنا أكثر في الموضوع أدركنا مدى فعاليتها واحترامها للبيئة".
مناطق عازلة
وبالإضافة إلى المساهمة في الحد من تمدد النيران من خلال التهام الأعشاب والنباتات القابلة للاشتعال بسرعة، ينشئ الماعز مناطق عازلة بين المساحات الحرجية والمساكن. هذا النوع من الأروقة يتيح للإطفائيين التدخل في "بيئة أكثر أمانا" مع إبقاء النيران على مسافة بعيدة، وفق راغوزا.
ويؤكد المسؤول أن هذه المواشي ليست سوى جزء من آليات مكافحة الحرائق، غير أن مساهمتها في هذا المجال إيجابية إذ تقلص الأعباء الملقاة على البشر لناحية إزالة الأعشاب الضارة تحت شمس الصيف الحارقة، وهي مهام تتطلب في الأصل ساعات طويلة خصوصا في المناطق ذات التضاريس المتعرجة.
كما لا يجب إغفال ذكر "خطر الإصابات الدائم لدى أفراد الطواقم العاملة"، فيما "لم نر بعد أي ماعز يسقط" خلال أداء هذه المهام، بحسب قائد الإطفائيين.
وتعود ملكية هذه المواشي إلى مجموعة "ساج إنفايرومنتل غروب" المتخصصة خصوصا في استصلاح الأراضي الطبيعية. وقد بدأت مؤسستها أليسا كوب الاستعانة بالماعز في هذه المهام قبل خمس سنوات، وباتت تستخدم حوالي 400 من هذه الحيوانات. وتشير كوب إلى أن الاستعانة بهذه الحيوانات المعروفة بخفتها، خيار صديق للبيئة خصوصا لأنه لا يسبب تآكل التربة بقدر ما ينجم عن استعمال الأدوات أو المركبات.
خطر "الرعي المفرط"
لكن الانتباه واجب، إذ إن رؤوس الماعز تُعرف أيضا بأنها تقضي على كل شيء في طريقها. لذا "نتابعها من كثب"، وفق كوب التي تقول: "إذا ما شعرنا أنها ترعى كميات كبيرة من الأعشاب، وهي السيئة الوحيدة عموما لاستخدام الماعز، فإننا نحاول دفعها" في اتجاه نقطة أخرى عبر جذبها بالتبن أو إبعادها بواسطة أسياج مكهربة.
ومن دون الكشف عن تكلفة الاستعانة بالماعز، تقول الشركة التي تدير مشاريع مشابهة في مناطق أخرى في كاليفورنيا إن هذه الكلفة توازي ما تدفعه السلطات للعمال من البشر.
ويوضح راغوزا أن المشروع في غلينديل لا يزال تجريبيا وهو سيخضع للتقويم. لكن "الأمور تسير على ما يرام حتى اللحظة، ونحن واثقون حقا من النتائج".