يبدو أن نضال المجتمع المسيحي لمساواة المرأة بالرجل في موضوع الإرث والوصية قد تقدم خطوة للأمام بعد إقرار مجلس الكنائس مطالبات الشعب ووافق على اقتراح قانون في هذا الخصوص، كما أفاد النائب عمر النبر.
ولكي يكون الأمر واضحًا للجميع، ولكي نعطي كل ذي حق حقه، فإن النضال للمساواة في موضوع الإرث بدأ منذ مدة. ويُسجل للمناضلة لينا إيليا نقل الدور الأبرز في المبادرة إلى هذا الموضوع. كما يسجل للكثيرون منهم المهندس نضال قاقيش وغيره من والناشطين والناشطات، ومنهم ومحامون وإعلاميون ورجال دين ممن استمروا في المطالبة بهذا الحق الإلهي والدستوري بالمساواة. والكتاب المقدس زاخر بالآيات حول المساواة بين المرأة والرجل أمام الله، ومنها ما جاء في رسالة بولس الرسول إلى أهل غلاطية 3: 28 “لَيْسَ ذَكَرٌ وَأُنْثَى، لأَنَّكُمْ جَمِيعًا وَاحِدٌ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ.” كما ينص الدستور أن الأردنيين والأردنيات متساوون، كما جاء في المادة السادسة.
ولكن رغم إيجابيات التحرك الحالي، إلا أنه ما زال هناك طريق طويل لتحويل هذا الحق إلى قانون ساري المفعول في الأردن، علما أن الكنيسة اللوثرية والأسقفية في فلسطين تطبقه منذ مدة.
وتم إيداع مسودة القانون التي وافق عليها ووقعتها لجنة مختصة من القانونين والخبراء لدى مجلس الكنائس. وتقرر ترك موضوع النشر للمجلس، علما أنه عادة ما يتم نشر مسودة اي قانون قبل مناقشتها تحت القبة. وقد يتم ذلك في مرحلة لاحقة، كما يفيد المعنيون.
ومن المتوقع ان توافق غالبية أعضاء مجلس الأمة الأردني على هذا الأمر في حال توفر إجماع، أو على الأقل غالبية كبيرة من بين أعضاء مجلس النواب المنتخبين على الكوتا المسيحية. وقد أفاد النائب عمر النبر في حديث سابق مع موقع ملح الأرض أن من بين النواب المسيحيين الرجال التسع ثلاثة مؤيدين فقط لفكرة المساواة.
” من الضروري أن يتم تكثيف العمل على كسب تأييد النواب التسع للموافقة على هذا الإجماع وتحقيق العدالة الاجتماعية للمرأة المسيحية والتي طالما تم إاقصاؤها وهضم حقها”
وبطبيعة الحال، فإنه لا شك فيه أن للموروث المجتمعي والطغيان الذكوري دورًا كبيرًا في هذا التوجه، علما أن سجل المحاكم ودائرة الأراضي زاخر بالحالات التي يتم تخارج النساء الأردنيات حتى عن حصتهن المنقوصة لصالح أشقائها على حجة “بقاء الأراضي في العيلة” وضمن وعود للأخوات بأن الاخوة “راح ندير بالنا عليكي يختي ما تخافي” كثيرا ما لا يتم تطبيقها. وقد يتم إعطاء الأخت خاتمًا أو أمرًا مشابهًا كعربون لذلك الوعد الذي لا يتم تطبيقه، كما أشرنا.
كما أن هناك رأيًا لدى بعض الشخصيات الأردنية المسيحية يشير إلى إمكان أن يمثل هذا القرار خطورة على العلاقات المسيحية الإسلامية، حيث تعد الغالبية من سكان الأردن أن المكون المسيحي حظي بامتياز غير متوفر للغالبية المسلمة. ولكن إذا نظرنا الى السابق، نجد أنه كان في القرون الماضية يتم تطبيق النظام الكنسي البيزنطي والذي وفر المساواة في الإرث. فالموضوع ليس موضوع الساعة بقدر ما هو إقرار بحق تاريخي وكتابي حسب تعاليم الكنيسة. وبما أن موضوع الأحوال الشخصية يتم تطبيقه في المحاكم الكنسية، وبما أن المشرع الأردني أصدر قانونًا خاصَا بالطوائف المسيحية، فمن الممكن أن يتم توضيح الأمر على أنه امر داخلي للمكون المسيحي.
على أية حال، ومع نضوج الحالة الشعبية ومع إجماع الكنائس، من الضروري أن يتم تكثيف العمل على كسب تأييد النواب التسع للموافقة على هذا الإجماع وتحقيق العدالة الاجتماعية للمرأة المسيحية والتي طالما تم إاقصاؤها وهضم حقها، في حين أن من المتعارف عليه أن المرأة المسلمة يتم إنصافها بحقها حتى ولو كان أقل من الرجل. ويظهر في هذا ظلم غير مبرر للنساء في المجتمع المسيحي في هذا المجال.