"ولسه يا أليكسا"

"ولسه يا أليكسا"
الرابط المختصر

منذ بدء انحسار العاصفة الثلجية، ما يزال قطاع واسع من المواطنين يعاني من تداعياتها، وما تزال ردود الفعل الشعبية تتوالى؛ ما بين أغلبية ساخطة غاضبة من المواطنين على ما تعتبره تقصيراً من الحكومة والأجهزة المختلفة، وأقليّة تتحدث عن الأمر بوصفه ظاهرة طبيعية تحدث في دول العالم المختلفة، عندما تتعرض لمثل هذه الظروف الاستثنائية!

لم تقف حالة التجاذب عند هذا الحد؛ إذ تبادل مسؤولون حكوميون وشركات توزيع الكهرباء اللكمات الإعلامية، بتبادل الاتهامات بالمسؤولية عن انقطاع الكهرباء أيام العاصفة عن أحياء، بل محافظات بكاملها، مع عجز شركات الكهرباء عن التعامل مع هذه الحالة الطارئة، ما ولّد حالة عامة من السخط الكبير، وصلت إلى أحداث شغب، واقتحام شركات الكهرباء في بعض المناطق، وإغلاق الشوارع الرئيسة في أحياء أخرى!

السبب الرئيس للارتباك السياسي والشعبي في تقييم تجربة الأيام الماضية، هو تلك المساحة الرمادية، أو عدم وضوح الخيط الفاصل في تعريف نطاق المسؤولية؛ بين ما يمكن أن نعتبره خارج نطاق القدرات والإدارة الرسمية، وبين ما يمثِّل، بالفعل، تقصيراً أو عجزاً من جهات وأجهزة حكومية، أو ما يتحمله المواطنون عبر الاستهتار بالظروف الجوية، والخروج من المنازل لأسباب ثانوية غير مقنعة، ما مثّل، بحد ذاته، عائقاً كبيراً لعمل الأجهزة المختصة!

بين هذا وذاك، فإنّ هناك أسئلة أخلاقية عميقة وجادّة، وغصّات لدى كثير من المواطنين، تتطلب الوقوف عندها، وأن نجيب عليها؛ حكومة وإعلاماً ومتخصصين. في مقدمتها، فيما إذا كان من الطبيعي أن تبقى أحياء كاملة معزولة بسبب تراكم الثلوج بعد نهاية المنخفض. وقد اضطر كثير من المواطنين لفتح الشوارع المحيطة بهم عبر استئجار آليات، ودفع مبالغ مالية لها. أم أنّ ذلك يكشف خللاً إدارياً كبيراً؟ وفيما إذا كان انقطاع الكهرباء هذه الفترة الطويلة عن أحياء ومحافظات كاملة، أيضاً، أمراً طبيعياً ومتوقعاً، أم أنّ هنالك قصوراً وضعفاً في الشركات المسؤولة عن ذلك، أم أنّ هنالك أسباباً أخرى وراء ذلك؟

والسؤال المهم، الذي يطرحه موضوع الكهرباء، هو فيما إذا كان وضع هذا المجال الاستراتيجي الحيوي في أيدي القطاع الخاص وشركاته، أمراً صحيحاً أم لا؟

على الصعيد السياسي والإداري العام؛ هل حدث تخبط في تعامل الحكومة مع العاصفة الثلجية، ومعها الإعلام الرسمي؟ وفي توجيه المواطنين، وفي تأمين الاحتياجات الرئيسة؟ وهل فاق المنخفض، فعلاً، حجم التوقعات، أم أنّ هنالك مؤشرات ومعطيات كانت تدفع الحكومة إلى ترسيم خطط مفصّلة لتجنّب ما حدث؟ أم أنّ الحكومة قامت بدورها، وما نسمعه من السادة النواب والسياسيين ليس إلاّ مزايدات سياسية، وتصفية حسابات؟!

من الأسئلة ذات المضمون الأخلاقي، التي يطرحها المواطنون اليوم، سؤالان أرسلهما لي أحد الأصدقاء: "أصحاب المعالي ومليونيرية المقاولات والإنشاءات، هل من الممكن أن نعرف آلياتكم وجرافاتكم أين؟! أين الوطن الذي تدعمونه؟ أم تعرفونه فقط وقت العطاءات؟!".

وإلى د. خالد طوقان: هل من الممكن أن تطمئنا حول استعداد الجهات المعنية لو كان لدينا مفاعل نووي وضربتنا أليكسا، أو حدث ظرف طبيعي يؤثر على المفاعل النووي؟".

ذهبت السيدة "أليكسا" بثلوجها وأمطارها، لكنّها تركت وراءها عاصفة سياسية أشد؛ وعمّقت الجروح في علاقة الثقة بين الحكومة والمواطنين. وكما قال مطرب شاب أردني ساخر: "ولسه يا أليكسا"؟! في أغنية خفيفة الظل، انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي أمس.

الغد