وكأن الانتخابات تجري لأول مرة

وكأن الانتخابات تجري لأول مرة
الرابط المختصر

ليس معروفاً تماماً فيما إذا كان رئيس الوزراء سيكمل مشوار زيارته لصحيفتي الرأي والدستور نحو زيارة الصحف الأخرى، أو أنه سيكتفي بما قام به، كما أنه ليس واضحاً تماماً أيضاً طبيعة وأسباب الزيارة إلى مقار الصحف، وفيما إذا كانت تستهدف أموراً حكومية بعينها، ويطلب الرئيس الترويج لها تخجيلاً وتكريماً ورداً على الزيارة وشرب القهوة بقبول طلبه، كما أنه ليس مفسراً عدم اللجوء لدعوة الأسرة الصحفية إلى لقاء مع الحكومة ومخاطبتها كلها بالموقف الذي تريد الحكومة بثه للناس عبر وسائل الإعلام وفي كل الأحوال، إن كانت الزيارة ستقف عند حدود صحيفتين فقط، أو أنها ستسمر نحو مقار الصحف الأخرى. فإن ذلك مدعاة للتساؤل حول جدية الحكومة بإجراء انتخابات نزيهة، طالما أنها تتصرف على نحو مغاير لما تتطلبه شروط النزاهة، حيث إن الأجدر محدد، إما بدعوة الجميع للقاء واحد، أو عدم الزيارة أصلاً، حتى تظل الصحافة حرة في اختيار ما تراه مناسباً، وليس ما تراه الحكومة وتتحدث عنه أمام الصحافة وكأنه مسلمات على الجميع الالتزام بها.

إن متابعة ما نشر حول اللقائين يؤكد انسجام الصحف مع ما تطرحه الحكومة، حيث ليس فيها أبداً ما هو مغاير لما قاله وتحدث عنه رئيس الوزراء، حتى إن طبيعة الأسئلة الموجهة جاءت كلها لتصب في منحى واحد، هو خدمة موقف الحكومة، وتوسيع دائرة الضوء على ما تستجديه من الناس للثقة بها وتصديقها في كل ما تقوله.

وليس خافياً أن الترويج الحكومي للانتخابات بات في نطاق أوسع بكثير مما يخص الحكومة ودورها القانوني في الإشراف، حيث بات يتعداه يومياً نحو تحديدات بعينها، وخيارات ليس دونها أي شيء آخر.

وللمصادفة في هذا المجال، فإن أكثر من يحملون لواء الحكومة الانتخابي هما الوزير موسى المعايطة والمستشار سميح المعايطة، وهذا أمر، دفع، وما زال، إلى الخلط بين ما يقوله المعايطة الوزير، والذي يتحدث عنه المعايطة المستشار. ليصبح وكأن المتحدث معايطة واحد، وليس وزير السياسة لجهته، أو المستشار من موقعه، أو باعتباره ناطقاً رسمياً، خصوصاً وأن المتابع لهما يظن أنها انتخابات تجري لأول مرة في الأردن.

وفي المشهد نفسه، هناك بحث عن وزير الدولة لشؤون الإعلام والناطق الرسمي باسم الحكومة، حيث يكاد أن يكون غائباً تماماً عن الأمر، ومعه بدرجة مختلفة من حيث المغزى السياسي والأمني يقف وزير الداخلية.
ومع هذا وذاك، تثار قصص الخلافات داخل الحكومة، لما تعلق بعلاقة الطاقم الوزاري ببعضه البعض، لتعود طافية إلى السطح، التناقضات بين الرئيس ونائبه المخضرم رجائي المعشر، حيث الأول في بداية الأربعينات من العمر، والثاني على أبواب الثمانينات منه.
ما يشي بأننا أمام انتخابات بطعم الفوارق العديدة في اللون والشكل والنكهات أيضاً.

الحكومة تحوّل بإجراءاتها الانتخابية الأجواء إلى انتخابات من أجل الانتخابات، وما عاد مهماً أبداً أي خطوة نحو الديمقراطية، أو مجرد كتابة سطر جديد في ملف الإصلاح السياسي، الذي ما زال على الرف، ولم تقترب منه الحكومة بعد، وتأتي بعد ذلك لتتحدث عن انتخابات تصرف كل جهدها من أجلها، وليس معالجة مشاكل الناس المعيشية حيث ملف الفقر والغلاء ما زال على طاولتها.