وقفة على مشارف العام الجديد

وقفة على مشارف العام الجديد
الرابط المختصر

على مشارف العام الجديد، 2014، تبدو الطموحات على المستوى الوطني بقدر حجم التحديات؛ وهي كبيرة تثقل كاهل المجتمع والدولة الأردنيين، إذ يرزحان تحت نير مركّب من المشاكل والأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، تطال مروحة واسعة من العناوين الفرعية، المعيشية والتربوية والثقافية، كما على مستوى الأمن الاجتماعي، وغيرها من أعباء وقضايا.

ثمة حزمة أزمات ومشاكل باتت عابرة للسنين، بل وتزداد تعقيدا وتعمقا في المشهد الوطني، فيما لم تأخذ حقها على سلم الأولويات الوطنية، تشخيصا ومعالجة؛ وبحيث تقدمت عليها في السنوات القليلة الأخيرة أولوية التصحيح الاقتصادي بجراحاته القاسية، والتي رغم أنها عالجت أزمة المالية العامة للدولة وحافظت على الاستقرار المالي وخفضت عجز الموازنة العامة، إلا أنها عمقت الاختلالات السياسية والاجتماعية بدرجات خطيرة.

حتى أعوام "الربيع" الثلاثة الماضية، ورغم ما تحقق فيها من إصلاحات دستورية وسياسية، ونبش لملفات فساد، فإنها تمخضت في النهاية عن انقسام سياسي بين السلطة والمعارضة، الحراكية والإسلامية أساسا، وخروج الإسلاميين من العملية السياسية، بمقاطعة الانتخابات البرلمانية والبلدية. فهل يمكن أن نطمح اليوم إلى أن يشهد العام الجديد مقاربة سياسية توافقية أخرى، تعيد ترميم المشهد السياسي المحلي؟

أما اجتماعيا، فإن مشكلة العنف المجتمعي والجامعي ما تزال أحد أبرز التحديات الداخلية، والتي تبحث عن معالجات شاملة وجذرية لها. وهي ترتبط إلى حد كبير بأزمة أخرى، تتعلق بتراجع هيبة الدولة والقانون، وضعف المؤسسات، وتواطؤ مسؤولين مع هذه الظاهرة، إما فسادا وإما تخلياً عن مسؤولياتهم.

فيما يشكل التراجع المعيشي، وتفاقم النخر في بنية الطبقة الوسطى، واتساع مساحة الفقر والتهميش، تحديات رئيسة ومصيرية. ويتطلب الأمر، بإلحاح، وضعها على سلم أولويات العام الجديد.

كذلك، لم يعد مقبولا التأخر أكثر في الاشتباك وطنيا مع أزمة التعليم بشقيه، المدرسي والعالي؛ بل لا أولوية تتقدم على هذه القضية الحيوية للأردن، والتي تتعلق برأسمالنا الأساسي، وهو الإنسان وبناؤه

ويجب أن تكون الحقائق الأخيرة الصادمة عن التعليم الأساسي (الابتدائي)، والتي كشف عنها أخيرا وزير التربية والتعليم محمد الذنيبات، حول تراجع مهارات القراءة والكتابة لدى نحو 22 % من طلبة الصفوف الابتدائية الثلاثة الأولى، بمثابة الجرس الذي يقض مضاجعنا، ويرفع من مستوى إحساسنا بالخطر الحقيقي؛ فالنخر وصل إلى أساس البناء!

أما فيما يتعلق بالتعليم العالي والجامعي، فقد أشبعنا أسباب وتجليات الأزمة شرحا وتحليلا، لكن الإرادة السياسية والمجتمعية الحقيقية والجدية لمعالجة الأسباب والجذور، ما تزال غائبة، وما نزال نراوح في مربع التردد والتهرب من المسؤوليات في معالجتها.

نقف على مشارف العام الجديد، وكلنا أمل في أن يكون وطننا أكثر ألقا وعافية، ومستقبل أولادنا أكثر إشراقا وأملا

الغد

أضف تعليقك