وزراء ببضع جنسيات ..
بالوحشية؛ وعلى مسافة كبيرة من الأخلاق والمبادىء الإنسانية، تقوم الشركات بتطبيق سياسات السوق المتوحشة، هذا هو الوصف الأقرب، لقوانين السوق عندما تغزو البلدان التي تديرها حكومات رعوية وطنية، وعلى أساس فكرة صناعة مستهلك بمواصفات مناسبة، تنازلت بعض حكومات العالم النامي عن دورها في الرفق بالفقراء الى الرفق بالحيوان، عندما اعتبرت أن طعام الكلاب مثلا سلعة، يتبادلها حديثو عهد بتربية الكلاب والقطط، وحسب المواصفات المطلوبة للمستهلك منزوع الإرادة والمشاعر، استطعنا رؤية أشخاص ينفقون على طعام الكلاب والقطط أكثر مما ينفقون على طعام أولادهم الذين قد يبلغون «نصف دزينة وأكثر»..
رواد العولمة؛ المسؤولون عن ترويج ثقافتها المضادة للسيادات الوطنية، هم كائنات من صناعة السوق وشركاته متعدد ومتعددة الجنسيات، فمثل هذه الشخصيات لا تفهم ولا تكترث في الواقع بجنسيتها الوطنية، ورأينا مثل هذه الكائنات في مواقع مسؤولية وصلت الى وزير، في بلدنا وفي بلدان نامية أخرى، ولا يمنع دستورنا الحالي ازدواجية الجنسية لدى من يصبح عضوا في حكومة، لكن «دستور الملك عبدالله الثاني» الجديد، سيغلق هذا الباب الى الأبد بمشيئة الله، بعد أن ثبت النواب أمس على رأيهم، ومنعوا ازدواج الجنسية وبالتالي الولاء لدى من يصبح وزيرا، وقد سبق وساد جدل ومهاترة في صواب ومثالية مثل هذا الازدواج الفاضح في الجنسية، فمثلا كان لدينا وزراء يحملون الجنسية الأمريكية، وهي الجنسية التي يتمتع بها حاملها بعد شروط قانونية أمريكية ما، لكنه في النهاية يقسم قسم الولاء لأمريكا اولا، ثم ينعموا عليه بالجنسية الأمريكية «أقوى نوع».
ومن عجب يأتي أشخاص مثل هؤلاء ، ليقوموا بأدوار ومهمات وطنية، تتطلب بالدرجة الأولى صدق وعمق الولاء والانتماء للوطن، ويتغاضى الجميع عن مثل هذه الازدواجية، وكنا نسمع أن بعض «الأثرياء» الذين تمتعوا بجنسية أو أكثر إضافة الى جنسيتهم الأردنية، والذين أصبحوا في مواقع وزارية، و «عاثوا» في الوطن مسؤولية وأفكارا لولبية، كنا نسمع أنهم يستوردون مياه شربهم من فرنسا وأمريكا، ثم يصوتون أو يقررون بشأن صلاحية مياه «النهر أو القناة» للاستهلاك البشري.. وكذلك يفعلون مع الطعام و»المشروبات الأخرى»، أعني كلها مستوردة من الخارج وبمواصفات عالمية، كمواصفات أفكارهم وميولهم غالبا.
الآن وفي الدستور الجديد، لن نرى مثلهم في حكوماتنا، أي أنها ستكون أردنية بلا ازدواجية جنسية، ولا نعلم شيئا حاسما عن ازدواجية الأجندة، أعني لم يحدد الدستور مادة تمنع مثل هذه الازدواجية، لأن المنطق يملي علينا أن لا نناقشها، فليس «سياسيا» ربما أن يتم حسمها بوضوح، حفاظا على الأفق الديبلوماسي، والقدرة على المناورة و»البيع والشراء».. بتعرفوا الباقي يعني!
اعضاء مجلس النواب الأردني وحسب الدستور القديم وربما الجديد، لا يحق لهم التمتع بازدواج الجنسية، ولا أفشي سرا، عندما أؤكد أن كثيرين منهم في مجالس نيابية سابقة يتمتعون بجنسيتين أو أكثر(لا أستطيع الجزم بشيء عن أعضاء المجلس النيابي الحالي)، وهذا أمر كان مسكوتا عنه سابقا، ولا بد أن يلتفت المشرّع والمراقب وكل الإصلاحيين الى هذه النقطة، ويحرصوا على تطبيق الدستور على الجميع.
لا يمكنني القول إننا تخلصنا من «الإزدواجية» في الفكرة والمبدأ والأجندة بعدما تخلصنا من ازدواجية الجنسية بالنسبة للوزراء، فبعض الأفكار والمبادئ لا تنتمي لوطن بدورها، فهي عابرة للحدود والقيود، ومتعدية ومتعددة الجنسيات والرؤس.. واقلبوا الصفحة.
الدستور