وجهة نظر نهج الحكومة المطلوب

وجهة نظر نهج الحكومة المطلوب
الرابط المختصر

في ظل مناخ الهتافات برحيل الحكومة السابقة, التي رفعها المتظاهرون في مسيرات الشهر السابق, تعامل الاردنيون مع فكرة رحيل حكومة الرفاعي على انها مسألة وقت وتحصيل حاصل. لكن ما هو جديد ان الاردنيين باتوا يملكون قناعة, تزداد يوما بعد آخر, بان تغيير الاشخاص لا يحل المشكلة, فالمطلوب تغيير النهج في السياسات الداخلية والخارجية.

من الصراحة القول, ان الخطوات على طريق الاصلاح تعثرت وتراجعت, والباحث عن الاسباب سيجدها كثيرة, وهي على كل حال, موضوع للتداول اليومي في المنتديات واللقاءات والمحاضرات والكتابات.. الخ.

وجهة نظري ان شخص رئيس الوزراء له تأثير كبير سلبا وايجابا في التقدم او التراجع بالاصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي. واذا ما عدنا - من باب المراجعة - الى قراءة كتب التكليف السامية للحكومات المتعاقبة, سنجدها جميعا تتضمن تأكيد الحريات العامة وحرية الاعلام والصحافة ومحاربة الفساد ووضع قانون انتخاب ديمقراطي عصري, وتحديث القوانين واصلاح القضاء والحفاظ على حقوق الانسان.. الخ.

لو قامت الحكومات كلا من جهتها وفي مرحلتها, بتنفيذ ما تضمنه كتاب التكليف السامي لكان الاصلاح في وضع متقدم, ولما كان الشعب بحاجة الى هذه الاحتجاجات والشعارات والمناخات التي تضع الجميع تحت ظلال القلق والخوف على امن واستقرار ومستقبل الوطن.

لم تُنفذ الحكومات اي سياسة تؤدي الى تغيير النهج حسب التوجيهات الملكية, وهو ما يجعل تسميتها بأنها »حكومات الملك« تجنياً على الواقع, والامر كان دائما (الاختباء) خلف الملك للسير في اتجاه معاكس. وبدل تعزيز مسألة فصل السلطات التي هي عمود الديمقراطية, انهارت القوانين المؤقتة على رؤوس المجتمع بما يعطي, للقريب قبل البعيد, الانطباع بان الشعب مُغيب عن المشاركة بالقرارات التي تسيّر حياته, ومغيب بقوانين مؤقتة في غياب مجلس النواب المتكرر ويُغيب ايضا في مجالس نيابية لم تنتخب وفق قانون انتخاب عصري.

تحتاج البلاد الى ان يكون رئيس الوزراء رجل دولة لا يكتسب هذا الوصف من صحافي او صاحب معالٍ سابق او من منافق.. بل رجل دولة حقيقي يحافظ على الدستور, ويعمل بالقول والفعل على احترام السلطتين التشريعية والتنفيذية ولا يسمح لنفسه بالتدخل في اي شأن من شؤونهما بما يشيع العدالة والرضا بين صفوف المجتمع.

تحتاج البلاد الى ان يكون رئيس الوزراء قادرا على الوقوف بشجاعة امام الرأي العام لشرح سياساته وقراراته, ويعلن تحمله المسؤولية, من ضرب طفل في المدرسة, والاعتداء على مواطن في مركز امني, الى مسؤوليته عن ملاحقة كل شبهة فساد وتقديم الفاسدين للعدالة, ويتخذ الرأي والموقف اللذين يمليهما واجبه الدستوري, ولا يجد طريقا لتمرير سياساته وقراراته السهلة والقاسية, الا من خلال اتصاله مع الرأي العام وبذل الجهد للحصول على ثقة الناس وقناعاتهم وتفهمهم.

تحتاج البلاد الى ان يلتزم رئيس الوزراء بالانفاق من راتبه على نفسه ومصالحه الخاصة وان لا يخرج من مبنى الرئاسة بأرصدة واطيان لا هو ولا اي احد من اسرته وانسبائه حتى الجد الرابع, ولا ان يرى الناس بعد استقالته المنافع تنهال عليه من شركات ورجال اعمال برواتب ومناصب.. الخ.

تحتاج البلاد ان يكون رئيس الوزراء صاحب برنامج يتعهد بتنفيذه امام الملك والشعب, يستند ليس فقط الى كتاب التكليف الموجه اليه انما الى كل ما جاء عن الاصلاح في جميع كتب التكليف السابقة والاعتراف بان معظم التوجيهات الملكية للحكومات للاصلاح السياسي لم تنفذ او انها نفذت باتجاه معاكس.

لقد سئمنا من تقلب الحكومات وانقلاب كل واحدة على سياسات وخطط من سبقتها, مما اساء الى مصداقية النهج الذي دعت اليه كتب التكليف, فكل حكومة وصفت نفسها بانها (حكومة الملك) بدأت اعمالها بتحطيم الجسور مع الحكومة التي سبقتها, التي كانت ايضا تسمي نفسها »حكومة الملك« ومن الخطورة استمرار هذه الحالة.

العرب اليوم