هيك البلد

هيك البلد
الرابط المختصر

(1)

قصة حقيقية:

قامت إحدى العصابات المغمورة بسرقة سيارة صديقي المغمور هو الأخر، وعلى غرار الأفلام الأمريكية فقد استخدم اللصوص السيارة للقيام بعملية سطو أعقبتها مطاردة بوليسية شرسة مع رجال الشرطة أسفرت عن شحط المجرمين إلى السجن، وشحط سيارة صديقي إلى الميكانيكي!!

السيارة التي لا تساوي سوى بضع مئات من الدنانير تحتاج الآن إلى تصليح بإضعاف هذا المبلغ، وصديقي المنتوف لن يحصل على أي تعويض من أية جهة كانت، وعند سؤاله عن السبب أجاب بكل بساطة: (هيك البلد)!!

(2)

إذا عرف السبب بطل العجب!!

نعم.. هيك البلد!!

من الآن فصاعدا إذا تقدمت بطلب عمل ولم تحصل على الوظيفة لأنك بلا ظهر فلا تبتئس.. هيك البلد!!

وإذا لم يحصل ابنك على مقعد جامعي لأنك لست من أصحاب الكرامات فالوضع طبيعي.. هيك البلد!!

وإذا تم تشليحك بيتك وملكك في ليلة ما فيها ضو قمر بذريعة النفع العام فالأمر لا يستحق حتى الوقوف عنده.. هيك البلد!!

وإذا ذهبت سدى بين الرجلين في غمرة نزاع عشائري أو مشاجرة جماعية أو عنف طلابي فالعوض بسلامة وجوه الخير.. هيك البلد!!

وإذا تم توقيفك تعسفيا أو حبسك إداريا أو تحويلك إلى إحدى المحاكم المختصة في حال سولت لك نفسك الأمارة بالسوء ممارسة حقك الدستوري بالائتلاف والاجتماع والتعبير عن الرأي فمرة أخرى وأخرى: عادي.. هيك البلد!!

وهذا ما ينطبق أيضا على أزمة السير وغلاء الأسعار وجنون العقارات ودعم الأعلاف و(لا دعم) المحروقات ونقابة المعلمين وامتحانات التوجيهي ومجالس أمناء الجامعات والانتخابات النيابية والتعديلات الوزارية والتشكيلات الحكومية والـ....

ولكن انتبه، إذا راجعت دائرة حكومية ومشت معاملتك من أول يوم، أو إذا جاء آخر الشهر ووجدت في جيبك فائضا ولو حتى من قبيل الفراطة، أو مجرد إذا بلغت العقد الرابع من العمر ولم تصب بعد بالسرطان أو السكري أو الضغط أو تصلب الشرايين أو أنفلونزا الطيور أو أنفلونزا الخنازير.. فافرح وغنِ بعبك، لأنه (مش) هيك البلد!!

(3)

(هيك البلد) هي أقوى ما تفتق عنه الوعي البروليتاري منذ أن قال فقير مغلوب على أمره: (القناعة كنز لا يفنى)!!

واستشعارا منا لأهمية الموضوع قررنا نحن شلة العاطلين عن العمل تبني (هيك البلد) شعارا للمرحلة القادمة، وقد شكلنا لأجل ذلك لجنة عليا برئاسة صديقنا المغدور باعتباره الأب الروحي للفكرة!!
 
وتعكف اللجنة حاليا على وضع خطة عمل لترجمة الشعار على أرض الواقع، وكخطوة أولى تم الحديث جديا عن تأسيس بسطة قهوة على أحد الاتوسترادات المكتظة تحت اسم (ثقافة العيب)، بحيث تكون هذه البسطة باكورة لاستثمارات رأسمالية قادمة، علما بأن المشروع سيدار بعمالة وطنية (100%) إسهاما منا في الحد من مشكلتي الفقر والبطالة!!

وقد تم وضع اللمسات النهائية للمشروع، وهو جاهز للتنفيذ حال الحصول على التمويل اللازم، سواء أكان ذلك عن طريق جهة مانحة، أو عن طريق قرض خارجي طويل الأجل بخدمة دين منخفضة، أو قرض داخلي بموجب سندات خزينة أو شيك مكتبي بلا رصيد، أو من خلال شراكة استراتيجية مع مستثمرين أجانب متعددي الجنسيات..

وطبعا كل هذا التمويل ليس لتأمين تجهيزات البسطة، فالبسطة بحد ذاتها مقدور عليها وفي متناول اليد، التمويل لسداد كافة الرسوم والضرائب والدمغات التي تطلبها الحكومة لا لشئ لا سمح الله إلا من أجل التأكد من ملاءتك المالية قبل السماح لك بالانضمام إلى ركب الاقتصاد الوطني والنهل من معين تنافسيته وقوانينه وسياساته العصرية!!

(4)

شكسبيريات:

(هيك) أو لا (هيك).. تلك هي المسألة!!

(5)

جدل:

لو قام رئيس التحرير بشطب عبارة (هيك البلد) من مقال (هيك البلد) فهل استطيع أن اقول (هيك البلد)؟!!

(6)

من الذي يحدد الـ (هيك) للبلد؟؟

ماركس يقول (أداة الإنتاج)..
سميث يقول (آليات السوق)..
ميكافيللي يقول (الغاية)..
هيجل يقول (الديالكتيك)..
دارون يقول (الانتخاب الطبيعي)..
فرويد يقول (عقدة اوديب)..
الجغرافيا تقول (المناخ)..
التاريخ يقول (المنتصرون)..
كتاب الاجتماعيات يقول (العادات والتقاليد)..
الصحف تقول (الرأي العام)..
الأحزاب تقول (صندوق الاقتراع)..
الشعب يقول (الحكومة)..
الحكومة تقول (الشعب)..
محمد الوكيل يقول (جميع ما ذكر أعلاه)..
عمر المعاني لا يقول شيئا..
نبيل الشريف يُفضَّل أن لا يقول شيئا..
محمد أبو حمور لا يؤمن بالأقوال أساسا..
...
ومندوب البنك الدولي يهز رأسه ويبتسم بخبث!!

(7)

بعد أن استبشر العالم الديموقراطي الحر بأنه قد أصبح للأشقاء العراقيين (هيك) جديد، ها هم قد عادوا واختلفوا على تشكيل (هيكة) جديدة!!

وأتوقع قريبا أن يصبح للأشقاء الفلسطينيين واللبنانيين والسودانيين والصوماليين وسائر المنطقة (هيكات) جديدة، وتماما مثل (الهيكات) القديمة، فإنها ستفعل بشعوبها (هيك) و(هيك) لأنو (هيك) مظبطة بدها هيك ختم!!

(8)

يقول أبو ذر الغفاري:

(عجبت لمن لا يجد القوت في بيته كيف لا يخرج على الناس شاهرا سيفه)؟!!
...
أو على الأقل (هيكه)!!

(9)

عندما يصل بلد، أي بلد، لمرحلة (هيك البلد).. فيا حيف على هيك بلد!!

*نقلا عن صحيفة اخر خبر