هل يتكرر الرضوخ لشروط نتنياهو؟
هذا السؤال يفرض نفسه بقوة ليس من باب الاجتهاد السياسي انما استنادا للتجربة, فلقد عاش الرأي العام الفلسطيني والعربي منذ ان جاء اوباما الى البيت الابيض في مهرجان من الرفض الرسمي من رام الله ومن دول الجامعة العربية بان لا مفاوضات مباشرة من دون قيام حكومة نتنياهو بتلبية عدة شروط في مقدمتها الاستيطان, والمرجعية والحدود.. الخ.
انتهى هذا المهرجان بزف المفاوض الفلسطيني الى بيت الرضوخ الامريكي لقبوله مفاوضات غير مشروطة, لكن ما لا يقال, ان هذه النهاية غير السعيدة هي في واقع الامر استسلام كامل لشروط نتنياهو التي اعلنها قبل عام ونصف عن مفاوضات بلا شروط.
المفاوضات ستبدأ في الثاني من ايلول المقبل, هنا طلع علينا نتنياهو بشروطه, فلا حلول, ان لم: (1) يعترف الفلسطينيون باسرائيل كدولة لليهود (2) البدء اولا برسم خريطة (امن اسرائيل) قبل بحث مسألة الحدود.
الاعتراف الاول يعني, ان الفلسطينيين وبدلا من ان يطالبوا بعودة اللاجئين عام (48) الى حيفا ويافا واللد والرملة, فان عليهم ان يعترفوا بيهودية الدولة مما يهدد عرب عام (48) بهجرة جديدة!
اما الاعتراف الثاني: بوضع الامن قبل الحدود على اجندة المفاوضات فيعني دفع الفلسطينيين للاعتراف بالجدار العازل وما التُهِمَ من اراض وقرى وبشر من نهر الاردن الى مشارف القدس والخليل, فحدود الدولة الفلسطينية ستظل مرهونة بحاجات اسرائيل من الاراضي والمستوطنات في الضفة الغربية المحتلة.
سيقول قائل, هذه شروط قديمة جديدة, واذا كان نتنياهو يضعها, فان لعباس ايضا شروطه التي من دونها لن يكون هناك حل نهائي, وهي بالمناسبة (حتى الان) اقامة الدولة الفلسطينية على حدود ما قبل الرابع من حزيران وعاصمتها القدس مع حق العودة للاجئين.
هذا صحيح لكن من التجربة, نخشى ان تنتهي جولات المفاوضات بفوز آخر لنتنياهو. لقد نجح في فرض شروطه باستئناف المفاوضات بلا شروط ومرجعيات, فما الذي يمنعه من التمسك بشروطه الجديدة تجاه الحل, ما دام عنده وبين يديه سابقة نجاحه في مواجهة الجميع, من الولايات المتحدة الى الاتحاد الاوروبي الى الرباعية اضافة الى دول الجامعة, عندما قاد هؤلاء كلهم الى ساحة الرضوخ لمطالبه!!.
منذ مشروع روجرز عام 1969 اي قبل 41 عاما, كان السياسيون والمثقفون العرب يعلقون على كل ما هو جديد في (المسلسل الممل) للمشاريع الامريكية للقضية الفلسطينية, بان (البركة في قادة اسرائيل) الذين سيرفضون هذه المشاريع وبالتالي سيعطلون مثل هذه الحلول غير العادلة.
هذه المرة نأمل ونبتهل الى الله ان تكون (البركة) بيد المفاوض الفلسطيني وان يمنحه القدرة على رفض حل يقوم على شروط نتنياهو, لان هذه المفاوضات لا تمثل فرصة تاريخية يُخشى ضياعها, انما هي مصيدة في جهنم.