هل نظام التمثيل النسبي يخالف الدستور؟؟

هل نظام التمثيل النسبي يخالف الدستور؟؟
الرابط المختصر

ضمن سلسلة لقاءاته مع الفعاليات السياسية والحزبية قبل تشكيل حكومته الجديدة، أبدى رئيس الوزراء الجديد الدكتور عون الخصاونة تحفظه على مطلب اعتماد مبدأ التمثيل النسبي في قانون الانتخابات الجديد الذي تنوي الحكومة التقدم به إلى مجلس النواب وذلك لقناعته بأن التمثيل النسبي يخالف الدستور. إن مثل هذا التحفظ الذي أبداه رئيس الوزراء كان يمكن أن يكون له ما يبرره قبل نفاذ التعديلات الدستورية الأخيرة وفي ظل المادة (88) من الدستور قبل التعديل والتي كانت تنص على أنه إذا شغر محل أحد أعضاء مجلسي الأعيان والنواب بالوفاة أو الاستقالة أو غير ذلك من الأسباب فيملأ محله بطريق التعيين إذا كان عينا أو الانتخاب الفرعي إن كان نائبا، وذلك في مدى شهرين من تاريخ إشعار المجلس الحكومة بشغور المحل وتدوم عضوية العضو الجديد إلى نهاية مدة سلفه. 

ففي ظل النص الدستوري السابق الذي كان ينص على ضرورة إجراء انتخابات فرعية لملئ المقعد الذي شغر في مجلس النواب فإن التساؤل كان يثور عن مدى دستورية تطبيق نظام التمثيل النسبي في قانون الانتخاب الأردني خاصة وأن أهم ما يميز نظام التمثيل النسبي عن نظام الصوت الواحد أنه في حال شغور أحد المقاعد في مجلس النواب بسبب الوفاة أو الاستقالة أو أي سبب آخر فإنه يتم شغر ذلك المقعد ممن جاء في المرتبة التالية للنائب الذي شغر مقعده من حيث عدد الأصوات وذلك دون الحاجة لإجراء انتخابات جديدة. وهو الإجراء الذي يمكن القول معه أنه يخالف المادة (88) قبل التعديل والتي كانت تشترط الانتخاب الفرعي خلال شهرين من تاريخ إشعار المجلس الحكومة بشغور المقعد في مجلس النواب.

أما نص المادة (88) الحالي والذي جرى تعديله مؤخرا فقد تفادى تلك الشاكلة الدستورية وذلك من خلال عدم النص صراحة على ضرورة إجراء انتخاب فرعي لشغر محل العضو الذي استقال أو توفي من مجلس النواب، بل أحال ذلك الأمر إلى قانون الانتخاب. فالمادة (88) بعد التعديل تنص على أنه إذا شغر محل أحد أعضاء مجلسي الأعيان والنواب بالوفاة أو الاستقالة أو غير ذلك من الأسباب باستثناء من صدر بحقه قرار قضائي بإبطال صحة نيابته فعلى المجلس المعني إشعار الحكومة أو الهيئة المستقلة للانتخاب إذا كان نائبا بذلك خلال ثلاثين يوما من شغور محل العضو ويملأ محله بطريق التعيين إذا كان عينا أو وفق أحكام قانون الانتخاب إذا كان نائبا، وذلك في مدى شهرين من تاريخ إشعار المجلس الحكومة بشغور المحل وتدوم عضوية العضو الجديد إلى نهاية مدة سلفه.

إن التعديل الأخير على المادة (88) قد فتح المجال أمام المشرع الأردني لتبني أي نظام انتخابي لإجراء الانتخابات التشريعية. فإذا ما تبنى المشرع الأردني نظام الصوت الواحد، فإنه يفترض به أن ينص في قانون الانتخاب على ضرورة إجراء انتخابات تكميلية في حال شغور أحد مقاعد المجلس. أما إذا تبنى المشرع الأردني نظام التمثيل النسبي، فإن قانون الانتخاب سينص صراحة على أن يتم ملئ المقعد الذي شغر في مجلس النواب من قبل المرشح الذي جاء بعد النائب الذي استقال أو توفى من حيث عدد الأصوات وذلك تطبيقا لأحكام الدستور الأردني المعدل والذي أحال مسألة شغور أي مقعد في مجلس النواب إلى قانون الانتخاب. من هنا فإن مخاوف رئيس الوزراء بأن نظام التمثيل النسبي مخالف للدستور هي في غير محلها ولا تقوم على أساس دستوري سليم.

وفي سياق معالجة المادة (88) المعدلة لابد من إبداء ملاحظة جوهرية تتمثل في المغزى من تخيير مجلسي الأعيان أو النواب عند شغر محل أحد الأعضاء فيهما بإشعار الحكومة أو الهيئة المستقلة للانتخاب خلال ثلاثين يوما من شغور محل العضو. فقد كان من الأفضل بالمشرع الدستوري أن يفرض على مجلسي الأعيان والنواب إشعار كل من الحكومة والهيئة المستقلة بشغور المقعد وذلك لعدم تحقق أيه منفعة من عملية التخيير. فالسلطة التنفيذية هي صاحبة الولاية العامة في إدارة شؤون البلاد الداخلية والخارجية واختيار العين أو النائب لشغر المقعد في المجلس المعني، كما أنها المسؤولة عن تحديد موعد إجراء الانتخابات التكميلية إذا قضت الحاجة إليها، في حين أن الهيئة المستقلة سيناط بها مهمة الإشراف على سير عملية الانتخابات الفرعية وإدارتها في جميع مراحلها مما يبرر إشعارهما معا بشغور أي مقعد في مجلسي الأعيان والنواب.

* أستاذ القانون الدستوري المساعد في كلية الحقوق في الجامعة الأردنية 

أضف تعليقك