هل نحن في حالة طوارئ؟

هل نحن في حالة طوارئ؟
الرابط المختصر

ارتفع منسوب القلق في الأوساط الشعبية الأردنية من تبعات ضربة أميركية محتملة لسورية خلال أيام؛ ثمة مخاوف من ردود الجانب السوري، خاصة بعد دخول "الكيماوي" على خط المواجهات؛ أو من احتمال خروج الضربة الأميركية "المحدودة" عن نطاق السيطرة، في حال قرر الجانب السوري الرد.

هذا الاحتمال يبدو ضعيفا وفق تقديرات سياسيين وخبراء. لكن يمكن رصد جوانب سلبية على الأردن منذ الآن. أولها، زيادة في أعداد اللاجئين السوريين، وتراجع حاد في طلبات العودة الطوعية من طرف اللاجئين المتواجدين في مخيم الزعتري وغيره من تجمعات السوريين.

والثاني، ارتفاع أسعار النفط في الأسواق العالمية، والمرشح للصعود أكثر حالَ بدء العمليات العسكرية وفي الأيام التي تليها، وهو ما سينعكس على تسعيرة المشتقات النفطية الشهر المقبل.

السلطات الحكومية تبدي استجابة حذرة لحالة القلق الشعبي، ولا تقدم ما يكفي من المعلومات والبيانات لتطمين الرأي العام.

ربما يكون مبررها لذلك هو الحرص على عدم إثارة مخاوف الناس وهلعهم، وما يتبع ذلك من سلوكيات عهدناها في أزمات سابقة؛ كالإقدام على تخزين المواد الغذائية والطبية، والتهافت على محطات الوقود، وتعطيل المؤسسات الرسمية.صحيح أن المخاطر المترتبة على عمل عسكري ضد سورية محدودة بالنسبة للأردن؛ إذ تؤكد المصادر الأردنية والغربية أن الجبهة الشمالية خارج حسابات المخططين للضربة المحتملة، لكن المصادر ذاتها تؤكد أن الأردن، ومنذ سنة تقريبا، بدأ باتخاذ الإجراءات الاحترازية تحسبا لأسوأ سيناريو.

فقد شرع في تجهيز قواته للتعامل مع خطر الأسلحة الكيماوية، وأنجز خطط طوارئ للتعامل مع "ظروف كيماوية"، بما فيها إجلاء سكان، والتزود بالعقاقير الطبية اللازمة، وتأمين كميات كافية من وحدات الدم في المستشفيات. كما تم تدريب الكوادر المختصة.

إضافة لذلك، تم التأكد من توفر المخزون الكافي من المواد الغذائية الأساسية.ولم تعد مظاهر حالة الطوارئ خافية على أحد في الأيام الأخيرة؛ فهي بادية على سلوك الأجهزة والمؤسسات المعنية.

إذ رغم النفي الرسمي لإعلان حالة الطوارئ، إلا أن حالة التأهب ملموسة على أكثر من صعيد.لا يشعر المدنيون، خاصة في المحافظات الشمالية بذلك. فبخلاف تحركات الآليات العسكرية، لا يلحظون اهتماما رسميا بتوعية السكان وتطمينهم على حياتهم.

إن البيانات الرسمية المصاغة بطريقة عمومية، ليست مناسبة لبعث الثقة الشعبية في إجراءات الحكومة وأجهزتها، ويتعين على المسؤوليين التحدث مع الرأي العام بشفافية أكبر، وإطلاعه على الخطط التفصيلية التي أعدتها للتعامل في ظروف الطوارئ.

لقد تعايش سكان المناطق الشمالية القريبة من الحدود السورية، منذ فترة، مع أصوات الانفجارات وهدير الدبابات وهي تقصف البلدات السورية القريبة من منازلهم.

لكن في حال تنفيذ ضربة أميركية، فمن المتوقع أن تشتد وطأة الانفجارات. مثل هؤلاء يحتاجون لرعاية خاصة من الجهات الرسمية، كي لا يدب الفزع في أوساطهم، وتسود حالة الفوضى بلداتهم.وسائل الإعلام التي تلعب دورا حيويا في مثل هذه الظروف، تعاني هي الأخرى من شح المعلومات وبخل المسؤولين في تزويدها بما تحتاج من تفاصيل حيال التطورات الجارية. وفي غياب خطوط التواصل، أصبحت وسائل الإعلام المحلية تعتمد بشكل كبير على المصادر الأجنبية وتقاريرها المتعلقة بالموقف الأردني، بما في هذه التقارير من معلومات مغلوطة أحيانا وغير موثقة، وتضليل في أحيان أخرى.

الأردن ليس في مرمى النيران ومخاطر الحرب؛ هذا صحيح، لكن من يضمن؟ فمن كان يتوقع قبل أشهر أن يلجأ نصف مليون سوري إلى بلادنا؟ نحن نعيش في منطقة لا تصيب فيها التوقعات.

الغد

أضف تعليقك