هل نتذكر الانتفاضة الاستقلالية للبلديات؟!

هل نتذكر الانتفاضة الاستقلالية للبلديات؟!
الرابط المختصر

قررت الحكومة إجراء الانتخابات البلدية في 27 آب (أغسطس) المقبل، ليس لأي سبب سوى أنها لم تعد تستطيع تأجيلها. وهكذا، فالانتخابات ستجرى وفق القانون القديم، وفي ظل صيغة الدمج القائمة، وليس في إطار أي رؤية أو خطة إصلاحية لملف البلديات والحكم المحلي.

الانتخابات مع آخر 3 حكومات بقيت تتأجل كل ستة أشهر مرة، بسبب العجز عن حل مشكلة الدمج والتوصل إلى تصور إصلاحي بديل. ولم تملك حكومة عبدالله النسور الثانية الوقت للنظر في هذا الملف، حتى وجدت نفسها أمام موعد أخير لإجراء الانتخابات قبل 15 أيلول (سبتمبر) المقبل. وكان وجود وزير للبلديات يناهض الفصل في حكومة النسور الأولى قد عطل إنجاز مشروع بديل، مع أن م. ماهر أبو السمن في آخر عهد الوزارة بدأ يبلور فكرة "غريبة بعض الشيء"، وهي توسيع البلديات الكبرى لتشمل كل المحافظة، مع تطبيق مبدأ اللامركزية والمجالس المحلية عليها. ولا ندري مصير الفكرة الآن، لكن واقع الحال أننا سنعاود كل شيء من الصفر.. لكن بعد الانتخابات في آب (أغسطس) المقبل!

هل يُعقل أن نطلب مرة أخرى من الناس الذهاب إلى انتخابات بالقانون القديم، وفي ظلّ الدمج؟! علينا أن ننعش ذاكرتنا قليلا! فالناس وقفت ضد الدمج، وحمّلته مسؤولية تدهور الخدمة البلدية. وكان واضحا أنهم لن يقبلوا العودة إلى الانتخابات في ظل الدمج، فاقترحنا حلا وسطا يبقي الدمج، لكن مع درجة عالية من اللامركزية، بوجود مجلس محلي لديه سلطات موسعة في كل واحدة من البلديات المدمجة. لكن مجلس الأعيان أفشل المشروع، فبقينا على قانون الحكومة، وتحققت تحذيراتنا حرفيا؛ إذ تمرد الناس، ووقعت احتجاجات وأحداث شغب، حتى أن الحكومة اضطرت للاستجابة لمطالب الناس، وفصل أكثر من تسعين بلدية، لكي تتمكن من إجراء الانتخابات. ثم رحلت الحكومة، وتم تجميد القرارات وتأجيل الانتخابات.

ها نحن نعود إلى النقطة نفسها، وكأن شيئا لم يكن! إنّ وعد النظر في طلبات الانفصال بعد الانتخابات يفتقر إلى المصداقية. كما أن هيكل البلديات إذا تقرر تغييره واعتماد مشروع المجالس المحلية، سيتطلب انتخابات جديدة؛ فهل نجري انتخابات بلدية جديدة بعد أشهر من سابقتها؟!

يجب إنجاز قانون جديد إصلاحي قبل الانتخابات، ينص على المجالس المحلية، ويوسع سلطة البلديات ويزيد مواردها، مع رقابة صارمة على الأداء الإداري لإنفاذ القانون ومنع التجاوزات والمحسوبية. وبسبب ضيق الوقت، يمكن تشكيل لجنة مشتركة من الحكومة والنواب والأعيان لصياغة القانون الجديد. وإذا توفرت الإرادة السياسية، فيمكن على جناح السرعة إنجازه سندا للأفكار الإصلاحية التي نوقشت باستفاضة في البرلمان الماضي، وردها الأعيان لأسباب شكلية؛ إذ إنهم اعتبروا فكرة المجالس المحلية فكرة إصلاحية ريادية، لكن الاعتراض الذي تم اعتماده ضمنا هو أن تعديلات النواب تمثل أحكاما جديدة لا يجوز دستوريا إدخالها على مشروع الحكومة.

ليس معقولا الآن العودة إلى نقطة الصفر، بلا رؤية جديدة ولا مشروع إصلاحي جذري للبلديات؛ فنحن سنغامر بمواجهة رفض شعبي آخر للانتخابات، خصوصا في البلديات التي تطالب منذ زمن بالاستقلال. ومن وجهة نظرنا، فإن قانون البلديات يجب أن يتزامن ويتكامل مع مشروع آخر للامركزية الإدارية والحكم المحلي على مستوى المحافظات. وإذا كان الوقت لن يسعف بانتخابات في موعدها ضمن القانون الجديد، فالقانون نفسه يمكن أن يتضمن تعديلا يتيح تأجيل الانتخابات للفترة القصيرة الضرورية.

الغد

أضف تعليقك