هل لديكم أقوال أخرى؟
مثل قضايا عديدة سابقة، يشعر المرء أن هناك قطبة مخفية في الاتفاقية "المزعومة" ببيع أسهم مؤسسة الضمان الاجتماعي في بنك الإسكان.
ما تزال حية في ذاكرتنا قضايا محيرة، مثل اتفاقية الكازينو، وسفر خالد شاهين للعلاج في الخارج، وخصخصة شركة الفوسفات، وعطاء مصفاة البترول، وغيرها. لقد جرى تسوية معظمها قضائيا وأُغلقت ملفاتها، لكن في كل ملف هناك قطبة ما تزال مخفية.
المناقشات الدائرة حول الاتفاقية المزعومة، والروايات المتداولة بشأنها، تشبه إلى حد كبير ما كان يدور من سجال حول الملفات المذكورة؛ من يقف خلف اتفاقية الكازينو، ومن أمر بسفر شاهين، ومن هو المالك لأسهم "الفوسفات"، وما سر المحاكمات في عطاء المصفاة؟
اللافت في قضية أسهم بنك الإسكان، أن الحكومة لم تعلن عن تفاصيلها إلا بعد أن تسربت المعلومات بشأنها في وسائل إعلام خارجية. الموضوع نوقش في مجلس الوزراء قبل أسبوعين من تداوله إعلاميا، لكنه ظل طيّ الكتمان كل هذه المدة.
وهذا بالمناسبة ما حصل أيضا في "فضائح" سابقة؛ فوسائل الإعلام هي التي كشفت اتفاقية الكازينو، ومغادرة شاهين سجنه وإقامته في لندن، ومن قبل بيوعات أراضي دابوق.
ما أود قوله هنا هو أن الحكومات المتعاقبة التزمت على الدوام حجب المعلومات عن الرأي العام، وعدم مكاشفته بالحقائق.
وفي القضية المنظورة حاليا، وسائل الإعلام هي من بادر إلى استنطاق أطرافها، ودفع مؤسسة الضمان الاجتماعي إلى إصدار بيان يوضح ملابسات الصفقة "المزعومة".
اطلع الرأي العام على أقوال المعنيين في الصفقة. جميعهم نفى بشدة وجود الاتفاقية من أصلها؛ المدير السابق للوحدة الاستثمارية في "الضمان"، د. ياسر العدوان، ورغم تزامن وجوده في قطر مع تاريخ توقيع الاتفاقية، إلا أنه حلف أغلظ الأيمان بأنه لم يوقع، ولم يلتق الشخص المذكور "الطرف الثاني". والوحدة الاستثمارية تنفي وجود مراسلات أو أصول تخص الاتفاقية المزعومة. والحكومة بدورها تنفي علمها بالموضوع أصلا.
الأطراف كلها تنفي التهم المنسوبة إليها، وتصر على أن توقيع العدوان مزوّر.
مجلس النواب سارع إلى تشكيل لجنة تحقيق لكشف ملابسات الاتفاقية اللغز. جلسات الاستماع التي عقدها حتى الآن، كشفت بعضا من المعلومات المهمة. لكن اللجنة هذه تذكرنا بلجان مشابهة تشكلت في حالات مشابهة من قبل، ولم تصل لنتائج، وبالأحرى لم تفك القطبة المخفية.
نقترح على اللجنة النيابية أن توسع دائرة تحقيقاتها، وأن تعود إلى أوراق القضية من بدايتها؛ فالجميع يعلم عن محاولات مبكرة وضغوطات مورست على مجلس إدارة الوحدة الاستثمارية للموافقة على بيع أسهم الضمان الاجتماعي في بنك الإسكان لمستثمرين قطريين تحديدا.
من واجب اللجنة النيابية أن تستدعي هؤلاء للاستماع لأقوالهم، وسؤالهم عن علاقتهم بالشركة التي تدّعي شراء أسهم "الإسكان". كما يتعين على أعضاء اللجنة النيابية البحث في الوسائل التي تمكّنها من الاستماع لشهادة ممثل الشركة القطرية علي اليافعي، الذي يظهر توقيعه على الاتفاقية.
كما يتوجب على اللجنة النيابية أن تكون حاضرة، برئيسها على الأقل، في جلسات التحكيم المقرر أن تبدأ بعد أيام في لندن، لمتابعة التفاصيل ووضع مجلس النواب والرأي العام في صورة ما يجري أولاً بأول.
لا تكتفوا بالأقوال في الإفادات الأولية، تابعوا سؤال كل طرف: هل لديك أقوال أخرى؟ لعلنا هذه المرة نصل إلى القطبة المخفية
الغد