هل "سينجو" الرئيس؟!
يتوعّد نوابٌ الحكومةَ منذ اليوم بحجب الثقة. وتشير الأوساط النيابية إلى أنّ حالة عدم الرضا تهيمن على نسبة كبيرة من النواب.
ووفق المعطيات الأوّلية، فإنّ الحكومة ستواجه صعوبة بالغة في منعرج الثقة، هذا إن استطاعت العبور!كما هي الحال في الأوساط السياسية والشعبية، فإنّ نواباً مخضرمين يشكّكون في سيناريو قيام مجلس النواب بحجب الثقة عن الحكومة الحالية، ويؤكّدون أنّ "ماكينة" الدولة لن تترك الرئيس وحيداً، وستؤثّر على النواب في "الربع ساعة الأخير"، وتعطيه الثقة، لكن بعد أنْ تثبت له أنّ ثقته بنفسه لا تكفي وحدها، وأنّه لا غنى عن الإسناد اللوجستي (في الظل)
.أوساط الحكومة لا تخفي أنّ هنالك بالفعل قلقا شديدا من المؤشرات الأولية تحت قبّة البرلمان، وتتطلّع باهتمام بالغ إلى الدور المكثّف والمتواصل الذي يقوم به خصوم الرئيس في المجلس. فيما يبدو رهان الرئيس على عامل الوقت، والمماطلة في تقديم بيان الثقة، في محاولة لتليين جانب النواب والوصول إلى صفقات معهم، بصورة جزئية؛ كما حدث خلال اليومين الماضيين في الموافقة على توظيف قرابة 500 "عامل وطن" في أمانة عمان، وفي استجابة الرئيس لمطالب عدد من النواب فيما يتعلّق بالإجراءات المتعلقة بشركات السياحة في مطار الملكة علياء!بعض النواب بعثوا برسائل إلى الرئيس تحذّره من صعوبة علاقته بمجلس النواب، وبأنّ الرهان على المعادلة التقليدية (من تدخل مؤسسات الدولة لإنقاذه في اللحظات الأخيرة) قد لا ينجح هذه المرّة، بل على العكس، كلّما طال أمد تقديم الرئيس لبيان الثقة، كلما عزّز ذلك من المناخ السلبي تجاه الحكومة في المجلس.
ذلك يطرح –بالضرورة- التساؤل عن موقف المؤسسات الرسمية؛ فالأغلب أنّها تكتفي اليوم بالمراقبة، وستتخذ القرار بشأن التدخل، وحجمه، من عدمه في الوقت المناسب.
وإذا ما شعرت أنّ وضع الحكومة حرج، فستبلّغ الرئيس للتفكير في حلول وبدائل أخرى!أحد النواب يرى أنّ المؤشرات الحالية تشي بأنّ الحالة ستبقى ضبابية وغير مضمونة أو محسومة النتائج إلى يوم التصويت. وسيتحدّد موقف أغلب النواب في ذلك اليوم، وفقاً للمناخ السائد في المجلس.
فإذا كانت الوجبة الأولى من التصويت تميل إلى الحجب، فإنّ ذلك سيشجّع البقية ويحفزهم على اتخاذ القرار نفسه، ما قد يفجّر مفاجأة مدوّية أمام التوقعات التي يرجّح أغلبها ثقة صعبة للحكومة.
المعضلة التي تواجه النواب عند التفكير في سيناريوهات ما بعد حجب الثقة، تتمثّل في العودة إلى "المربع الأول"؛ بإعادة طرح أسماء المرشحين لرئاسة الوزراء، وهو ما أثار خلافات عميقة داخل الكتل نفسها، وعجز المجلس عن تحقيق كتلة أغلبية للرئيس المرشّح.
وسوف نعود إلى السجالات المكرّرة نفسها حول "توزير" النواب، وما تطرح من هواجس مشروعة وكبيرة في تفتيت الكتل وتفجيرها من الداخل!إذن، مجلس النواب هو الآخر في مأزق! سواء منح الثقة (سيضاعف خساراته المتراكمة أصلاً في الشارع، ما يثير شبح ما حدث مع مجالس سابقة أُسقطت شعبياً، فكان مصيرها الحل)، أم حجب الثقة (فسيعقّد عملية تشكيل الحكومة، ويضع على نفسه أعباءً أكبر من إمكاناته وقدراته على مواجهتها).
لذلك، يرى أحد رؤساء الوزراء السابقين بأنّه إذا حجب المجلس الثقة عن الحكومة في اللحظة الحرجة الحالية، فإنّ ذلك يفتح الباب أمام سيناريوهات غير تقليدية ولا مألوفة في الحياة السياسية الأردنية!بعض "الخبثاء" من السياسيين يرون أنّ الرئيس سينجو في اختبار الثقة بصعوبة، لكنه سيدفع الثمن مؤجّلاً ومضاعفاً مع المجلس، بعد قرابة ثلاثة أشهر، عند رفع أسعار الكهرباء!