هل تتخلى الحكومة عن الأمن الغذائي؟

هل تتخلى الحكومة عن الأمن الغذائي؟
الرابط المختصر

تواجه الشركة الوطنية للامن الغذائي والتموين التي تم انشاؤها برغبة ملكية سامية قبل حوالي العام, حملة شرسة من بعض التجار والمستوردين لم تهدأ وتيرتها طوال فترة عملها, على اعتبار انها منافسة لهم في التعامل مع المواد التموينية, التي اعتادوا ان يفرضوا فيها اسعارهم على السوق المحلية, واغراقها بما هب ودب من الاغذية على اختلاف انواعها من دون اعتبار لمستويات الجودة ولا لهامش الربح الذي يرون انه لا يقف عند سقف محدد, ما دام قانون الصناعة والتجارة في صالحهم ولا يسمح لاي جهة بتحديد الاسعار.!

ما يثير الاستغراب ان الشركة ليست حكومية بالمعنى الذي يثير عليها زوابع تجارية من كل اتجاه, فهي عبارة عن شركة مختلطة تساهم فيها القوات المسلحة الاردنية بما نسبته 34% ووزارة الصناعة والتجارة بنسبة 33%, اما الباقي فهو مساهمة من قبل القطاع الخاص, في حين ينحصر نشاطها في استيراد المواد الغذائية الرئيسية والمتمثلة في السكر والارز والحليب والزيوت النباتية والسمنة واللحوم والدواجن المجمدة, او تتعامل بشكل اساسي مع السلع التي تحتاجها اسواق المؤسستين الاستهلاكيتين المدنية والعسكرية, من غير وجود اي وسيط في حلقات التزويد, بهدف تقليل التكاليف التي تنعكس على اسعار البيع النهائية للمواطنين.!

يتردد في هذه الايام ان هناك ضغوطات من الوزن الثقيل على وزارة الصناعة والتجارة تقودها بعض جهات القطاع الخاص, من اجل الانسحاب من الشركة نهائيا بما يحقق الرغبات الظاهرة والكامنة في تهميش دورها لصالح "حيتان السوق التمويني", رغم انها تعمل على اسس تجارية ولا تتمتع باي دعم يميزها عن غيرها, وكل ذنبها انها استطاعت ان تلجم انفلات الاسعار من دون ضوابط مع توفير المنتجات التي تستوردها بجودة عالية في جميع الاوقات, مما يحول دون وقوع الازمات التموينية او استغلال المواطن في احتياجاته المعيشية التي لا يمكن الاستغناء عنها.!

اذا ما صحت مثل هذه التوجهات فانها تعني ان الشركة الوطنية للامن الغذائي في طريقها الى ان تدفع ثمن النجاح الذي حققته منذ اواخر عام 2009م وحتى الان, في فرض وجودها على الاسواق المحلية, لانها ابقت اسعار اللحوم اجمالا في مستويات مستقرة, وكان لها دورها في توفير الاضاحي مؤخرا باسعار في متناول اليد, كما انها اسهمت في السيطرة على الارتفاعات الكبيرة التي شهدتها مادة السكر, التي تباع بسعر 530 فلسا للكيلوغرام الواحد في اسواق المؤسستين, في حين ان اسعارها خارجهما تزيد على 750 فلسا, وغير ذلك من جهود ملموسة في المجال الغذائي.!

دراستان تم تمويلهما من القطاع الخاص ولحسابه, من اجل تشويه سمعة هذه الشركة الوطنية من اجل اخراجها من السوق تماما على اعتبار انها منافسة له في تجارته الاستهلاكية, اضافة الى حملات لم تنقطع منذ تأسيسها وحتى هذه اللحظات, بغية تصفيتها وانهاء دورها في حماية المواطنين, واعادتهم مرة اخرى الى مسرح العمليات والصفقات التجارية التي يقعون ضحيتها في معظم الاحيان, من خلال اسعار غير منضبطة وارباح فاحشة, ورداءة في اصناف غذائية غير مطابقة لاية مواصفات.!

التخوفات تفرض نفسها على مصير الشركة الوطنية للامن الغذائي خلال هذه الاونة, التي تتعرض فيها الى هجوم مضاد تستخدم فيه كل الوسائل والاسلحة التجارية المتاحة, من اجل تفكيكها وسحب مساهمة الحكومة في رأسمالها, وهذا ما يجعل الجميع يراقبون ما قد يجري من اجراءات في هذا الاتجاه, بعد ان حصلت الشركة على ثقة المواطنين بالمواد التي تستوردها وبأسعارها وجودتها العالية.. فهل ستدفع وجودها ذاته ثمنا لنجاحها ودورها الذي لا ينكره الا كل جاحد, هذا ما ستكشف عنه الايام المقبلة .!

العرب اليوم