هل انخفضت شعبية الإسلاميين في الأردن ؟!
بعد عامين من الحراكات في الاردن،ومايجري في مصر وسورية ودول عربية اخرى، لابد ان تجيب الحركة الاسلامية،علناً، على السؤال الموضوعي الموجه اليها،حول شعبيتها في الشارع الاردني، واذا ماكانت هذه الشعبية بذات مستواها القديم ام انخفضت لاسباب عديدة.؟!.
الارجح ان شعبية الاسلاميين انخفضت الى حد كبير،لأسباب سياسية، تتعلق بإنهاك العصب العام،سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، بعد ثلاث سنوات من المظاهرات والمواجهات في الاردن، وهي مواجهات وان رفعت شعارات يتفق على بعضها الناس، مثل محاربة الفساد وغير ذلك،الا انها نشاطات لم تؤد الى نتيجة فعلية على ارض الواقع،وتحولت مع الايام الى عنصر ضاغط على الخاصرة الاردنية دون نتيجة فعلياً.
الحركة الاسلامية ذاتها ودون اتهام لاحد فيها، تواصل استعمال ذات التكنيك اي النزول الى الشارع،دون مراجعة لهذا التكنيك، واذا ماكان مجديا، خصوصا،ان جاذبية الربيع العربي تراجعت الى حد كبير.
لايمكن مواصلة ذات الطريقة في التعبير السياسي، فيما الداخل الاردني يتأثر بشدة بما يجري في مصر وسورية ودول اخرى، ولهذه الدول تأثير بالغ،اقله شعور الناس بحالة الفوضى العارمة في المنطقة، وهدم الدول وتغول الصراعات السياسية، وانقسامات المجتمعات من الداخل.
العين الاردنية على مافي صاحبها من شكوى مرة من حياته،ترقب بحذر شديد،المشهدين المصري والسوري، ولاتتمنى نسخ اي نموذج هنا في الاردن،لاتحت وطأة عدم الرضى،ولاتحت وطأة الغضب,وبإمكان الحركة الاسلامية ان تختبر هذه النظرية هذا الاسبوع،مثلا، تحت وطأة مايجري في مصر والدعوة الى مسيرة كبرى في الاردن لاختبار الارقام ومبدأ التحشيد.
الاغلب ان قلة قليلة ستلبي هذه الدعوة،في دليل مباشر على ارتداد مشاكل الجوارعلينا،وتركها لاستخلاصات عامة بين الناس.
جماعة الاخوان المسلمين مثل أي حزب سياسي لابد ان تكون لديها وسائل قياس لشعبيتها،وتأثيرها على الجمهور،حتى لايبقى الكلام عن انخفاض الشعبية، واردا فقط من مصادر مشكوك بدوافعها، تريد التأثير على سمعة الاسلاميين، وهذه الوسائل لابد ان تستعملها ذات الحركة للتأكد من منسوب شعبيتها، حتى تصل الى استخلاصات تقرر على أساسها اسلوب حركتها.
مراهنة الاسلاميين على الشارع وانه قد ينفجر على خلفية الاسعار، قد لاتبدو مراهنة دقيقة لانهم هنا يخيرون الناس بين خيارين فقط، اما قبول رفع الاسعار والغلاء والضنك، واما الانفجار فيخسرون لحظتها كل شيء، بما في ذلك استقرارهم العام، وامن بيوتهم وحياتهم ودمهم، وهذه مراهنة خاسرة، وثنائية يجب الخروج منها تماما لصالح اتجاه عقلاني آخر.
لو وصل قطار الربيع العربي الى الاردن بقوة في بداياته لكان ممكنا ان نصدق ان تغييرات ما ستجري في الاردن،غير ان الاستثمار في ارث الربيع العربي بعد ثلاثة سنوات،استثمار خاسر،لايمكن لسياسي محترف ان يعتبره عنوانا لحراكه في الداخل هنا،ولايلام الاردنيون في عدم تجاوبهم اليوم مع الحراكات،لان التجاوب يعني بكل بساطة استدعاء احدى التجارب الدموية والفوضوية حولنا،من مصر الى سورية،مرورا بليبيا واليمن وغيرهما،وهذا تقليد اعمى في الانتحار،ايا كان شكل الانتحار.
كل هذا يعني ان الحركة الاسلامية عليها ان تتخلى عن فكرة الاتكاء على الربيع العربي وحشد الجماهير في الشوارع،اتكاءاً على موروث الربيع العربي،فهذا اتكاء خاسر،ولايعقل ان يلجأ اليه سياسيون،يراقبون مثل غيرهم الدموية في سورية،والانهيار الداخلي في مصر التي تقترب من حافة حرب اهلية، فيما تركيبة الداخل الاردني حساسة الف مرة، مقارنة بهاتين الدولتين على صعيد الهوية والحاضر والمستقبل والهموم والشكوك والانقسامات الكامنة فرعيا على غير مستوى.
السياسي المحنك يتراجع عن كل اسلوب ليس مجديا،او لم يعد مفيدا، وفي هذا التراجع انعاش لشعبية الاسلاميين بين الناس، خصوصا حين يكون الاصرار على ذات الطريقة سببا في انخفاض الشعبية وانفضاض الناس، تحت وطأة الخوف على بلدهم وحياتهم واستقرارهم وبيوتهم.
لعل الحركة الاسلامية تعيد ولو سراً قراءة منسوب شعبيتها وهل ارتفعت ام انخفضت، ولماذا وعلى اي اساس،حتى لايبقى كل رأي يأتي من خارج الحركة متهما ومدسوسا ومغشوشا في دوافعه؟!.