نهاية حزب شجاع

نهاية حزب شجاع
الرابط المختصر

أشعر اليوم بندم شديد. قبل أشهر تقدمت بطلب للإنضمام إلى أحد الأحزاب الأردنية تحت التأسيس. قرأت أدبيات الحزب ووجدت فيها أفضل تشخيص وتوصيات للإصلاح السياسي في البلاد على الإطلاق حيث ينطلق الحزب من مبادئ وقيم ديمقراطية مدنية وليبرالية تنظر إلى المستقبل مع الحرص على هوية الأردن ومجتمعه ونظامه السياسي. كنت مؤمنا بأن هذا الحزب سيشكل علامة فارقة في العمل السياسي الأردني ولكن بسبب الكسل وعدم أخذ الموضوع بجدية تأخرت في عملية تقديم الأوراق الرسمية لقائمة المؤسسين واعتقدت بأن الحزب سيتمكن من الحصول على الترخيص وبالتالي اشارك معه في المستقبل.

يوم أمس رفضت وزارة الداخلية ترخيص الحزب، بعد أن انسحب منه عضوان مؤسسان في اللحظة الأخيرة ليصبح عدد الأعضاء المؤسسين 498 وليس 500 حسب قانون الأحزاب. قرار الداخلية ألغى طلب الحزب والآن أصبح الحزب وكافة الشخصيات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية المحترمة التي شاركت في تأسيسه في مهب الريح فيما يشكل نهاية حزينة لحزب حاول أن يكون مختلفا وأن يقدم فكرا جديدا وحرا على الساحة السياسية الأردنية.

يتحدث الملك عبد الله الثاني دائما عن أهمية العمل الحزبي وضرورة تجاوز المواطنين لحواجز التخوف من العمل الحزبي والمساهمة في نشاط سياسي جماعي يقدم البرامج المطلوبة ولكن بكل أسف فإن التشريعات والممارسات بشكل عام تكون مختلفة عن توجهات الملك الإصلاحية. نحترم القانون ولكن كان يمكن منح الحزب فرصة لإعادة تقديم الطلب من جديد وليس إلغاء جهد سنتين بجرة قلم واحدة. كان يمكن ايضا للكثيرين من أمثالي الذين ننظر للعمل الحزبي أن نحرك أقدامنا بدلا من ألسنتنا ونقدم كافة الوثائق الرسمية المطلوبة ليصل العدد إلى مستوى آمن يحمي الحزب من مزاجية اللحظة الأخيرة.

لا مجال لأي إصلاح سياسي بدون أحزاب قوية وبرامجية واعية وتفهم مشروع الدولة المدنية الديمقراطية. معظم أحزابنا القائمة ضيقة الأفق تناصر أنظمة عربية قمعية تمنع الرأي الآخر وغالبا تمارس العنف المنهجي الذي يصل مستوى الإجرام المنظم ضد شعوبها. أحزاب أخرى عبارة عن تجمعات لأقارب وأصدقاء بدون برامج فعلية وعندما يحاول مجموعة من المواطنين تأسيس حزب مختلف بناء على تصديقهم للخطاب السياسي الرسمي يجدون الواقع غير مساند لهذا التوجه.

مسؤولية فشل الأحزاب لا تقتصر على الحكومات بل على كاتب هذا المقال وعلى كل مواطن أردني يعتقد بأنه يملك رأيا سياسيا (حوالي 6 ملايين شخص!) يؤمن بأنه محق تماما ويناقش فيه كافة من حوله وعبر الفيسبوك والمواقع الإلكترونية ويخرج للتظاهر في الشارع لكنه ليس مستعدا للإنضمام إلى حزب.

بالنسبة لي قرار الحكومة كان أفضل محفز لأن اساهم بايجابية أكبر في اية خطوة يتخذها مؤسسو الحزب أما عن طريق تقديم طلب آخر بإسم مختلف أو تأسيس تيار سياسي جديد وسوف أدعو بجدية كل من أعرفهم للمشاركة، وهذا هو جوهر العمل السياسي إذا كنا نريد إصلاحا حقيقيا وليس تسلية لقضاء الوقت!

الدستور

أضف تعليقك