موضوع "حي الطفايلة"!

موضوع "حي الطفايلة"!
الرابط المختصر

فيما رأى مراقبون في تصريحات وزير الداخلية، حسين المجالي، لـ"الغد" أمس، والتي وصف فيها موضوع معتقلي الحراك بـ"القضائي"، بأنّها بمثابة إقفال للباب أمام جهود احتواء تداعيات قضية الموقوفين من أبناء حي الطفايلة، وإجهاض مسبق لمبادرة العين عبدالله العكايلة؛ فإنّ أوساطاً قريبة للمجالي أكّدت أنّه يقف ضد الاعتقالات التي طاولت الحراكيين مؤخراً، وأنّه يعمل مع آخرين على إنهاء هذا الملف.

وكان العين العكايلة قد نجح في إقناع أبناء الحيّ، خلال اجتماع عقد مؤخراً، بوقف الاحتجاجات المتتالية، خلال أيام العيد، بسبب اعتقال اثنين من أبناء الحي، هما معين ومنذر الحراسيس، ونقل اثنين آخرين من الحراكيين، أيضاً، من "الجمرك" إلى وزارات أخرى، عقوبة لهما، كما يقول أبناء الحي، على مشاركتهما فيما يعرف بـ"حراك حيّ الطفايلة".

بغض النظر عمّا إذا كانت تصريحات المجالي تؤخذ على محمل قطع الطريق على جهود الحل السياسي، أم أنّها "مناورة" داخل حلقات مراكز القرار التي من الواضح أنّها متباينة في الموقف من ملف الاعتقالات الأخير، فإنّ ما هو أهم من ذلك أنّ المنظور الذي يحكم "العقلية الرسمية" في التعامل مع ملف حيّ الطفايلة خصوصاً، ومعهم حراك الطفايلة، بل ملف الحراك بأسره، هو منظور العناد والمناكفة، أو استخدام الطرق التقليدية؛ الترغيب والترهيب، بدلاً من عقلية الحوار والتفهّم والنقاش المعمّق لجوهر هذه الظاهرة وأسبابها!

التحليل الرسمي يستند إلى العقلية المعلّبة المحكومة مسبقاً بمنطق ثلاثي الأبعاد، يقوم، أولاً، على اتهام المعارضة والحراك إما بالأجندات الشخصية، أو أنه تقف وراءهما أجندات حزبية وسياسية؛ وثانياً على تحجيم الظاهرة بوصفها مجموعة محدودة من الأفراد؛ وثالثاً بأنّ حلها إما عبر الترهيب وإرسال المشاركين فيها إلى القضاء، أو تقديم "عروض" مالية مغرية، لوقف هذه النشاطات.

لم يخرج المنظور الرسمي عن هذه "المقاربة الثلاثية" خلال السنتين الماضيتين. وربما هي تنطبق على جزء من الحراك، ومحاولة تسلقه من قبل شخصيات سياسية، أو اختراقه من قبل ذوي الأجندات الشخصية. وربما نجحت محاولات الاحتواء ترغيباً أو ترهيباً مع البعض، لكن البعض الآخر، الذي ما يزال مصرّاً على موقفه الإصلاحي الوطني، حتى مع اختلافنا أحياناً مع حدّة الخطاب وسقف الشعار، فإنه وغيره لا تنطبق عليهم المقاربة الرسمية السابقة!

بل على النقيض من القراءة الرسمية، فإنّ المشكلة الحقيقية، سواء في الطفيلة أو في حي الطفايلة، هي أنّ هنالك قصوراً حكومياً وضعفاً، بل وعجزاً واضحاً، لدى السياسيين والمسؤولين على صعيد حوار هؤلاء الشباب والدخول معهم في نقاشات سياسية معمّقة، بشأن ما يحملونه من أفكار، وبشأن مسار الإصلاح المطلوب؛ فهذه المقاربة هي المفتاح الغائب أمام حالة الاستعصاء الراهنة.

وأكاد أجزم أنّه بالرغم من مرور عامين على حراك الطفايلة والحراك الشبابي، فإنّنا لا نجد في أروقة الدولة ومؤسساتها دراسات معمّقة دقيقة حول الأسباب الحقيقية للحراك، وخلفيات الشباب الذين يقودونه، والتربة المحيطة بهم، وخطابهم وأفكارهم وأحلامهم؛ لدينا فقط في جعبة المسؤولين مجموعة اتهامات جاهزة مسبقة!

بعد هذا وذاك، ونحن نرى ملف المعتقلين يتدحرج ويكبر، سواء في الحراك الطفيلي وخارجه، بالتزامن مع سابقة تقدّم اثنين من النشطاء بطلبات لجوء سياسي في الخارج، وإرهاصات لنوايا شبيهة لدى آخرين؛ وتحرّك الوزراء المحسوبين على خط الإصلاح لطرح هذا الموضوع (المسكوت عنه) على طاولة مجلس الوزراء في الأيام الماضية، بالمطالبة بألا تكون الحكومة هي الطرف الغائب ومن يدفع الثمن في الوقت نفسه؛ ألا يدعو كل ذلك "مطبخ القرار" إلى طرح تساؤل جدي؛ فيما إذا كانت المقاربة الرسمية للحراك كفيلة باحتوائه، أم تسخينه وتأزيم المشهد السياسي بأسره!

الغد

أضف تعليقك