موافقة اللجنة المالية والاقتصادية على الموازنة .. !
قرار اللجنة المالية والاقتصادية الموافقة على مشروعي قانون الموازنة العامة وقانون موازنات الوحدات الحكومية للسنة المالية 2012 كما ورد من الحكومة يعتبر فضيحة, هذا القرار لا يتفق مع الملاحظات والشروحات التي ساقتها بتقريرها المطول والتفصيلي, كان على اللجنة ان تخرج باقتراحات محددة للمجلس, لتصويب التشوهات في الموازنة, والغريب ان قرارها هذا جاء على الرغم من الثغرات الواضحة في الموازنة, والاختلالات الخطيرة التي ستؤدي الى ارتفاع المديونية الى اكثر من 5,15 مليار دينار وارتفاع نسبتها المتوقعة الى حوالي 79% من الناتج المحلي الاجمالي, علما ان قانون الدين العام لا يسمح بتجاوز نسبة الدين عن 60% , وجاء قرار اللجنة المالية والاقتصادية بعد ان سربت معلومات عن توجه اللجنة برد الموازنة, اوالتوافق على سحبها لاجراء تعديلات جوهرية عليها, خاصة بعد اكتشاف ارقام لا تستند الى معطيات حقيقية في المنح والمساعدات تقدر بحوالي 250 مليون دينار, سيتم تعويضها عن طريق القروض, واصرار الحكومة على المبالغة بقيمة المنح والمساعدات, بهدف تخفيض عجز الموازنة بعد المساعدات, واظهار الحكومة بضبط العجز هذه السياسة استمرارا لنهج الحكومات المتعاقبة, وعلى الرغم من انتباه اللجنة المالية والاقتصادية الى ان الايرادات المحلية لا تغطي اكثرمن 75% من النفقات الجارية, وان النمو المتوقع للإيرادات ال¯محلية بنسبة 12.6% لعام 2012 وهي نسبة مرتفعة مقارنة مع تقديرات الحكومة بان النمو الاقتصادي بحدود 3%, وهي ايضا نسبة مشكوك بتحقيقها في ظل تباطؤ النمو الاقتصادي. هل تساءلت اللجنة كيف سيتحقق نمو في الايرادات بمعدل اربعة اضعاف نمو الاقتصاد... لا احد ينتظر ضربة حظ... لذلك إما ستخفق الحكومة في الوصول الى النسبة المستهدفة, وإما ستعتمد على زيادة الضرائب غير المباشرة على المواطنين, خاصة ان خطاب الموازنة اعلن عن نية الحكومة بفرض ضريبة المبيعات على 260 سلعة معفاة معظمها متصل بالغذاء والسلع الضرورية, وان الموازنة تشيرالى زيادة الإيرادات الضريبية 14%.
لم يخطر ببال اللجنة المالية بتقديم اقتراح بتخفيض النفقات الجارية على الرغم من تخفيض دعم المواد التموينية والمحروقات 38% وتخفيض النفقات الإستثمارية 1.3% وإرتفاع نفقات الدفاع والأمن 9.6% ودعم المؤسسات الحكومية 6.2% رغم اقرار اللجنة المالية والاقتصادية بعدم توازن السياسة المالية في إعادة توزيع المخصصات بين بنود الإنفاق العام. مع ذلك لا تقدم اقتراحا محددا بالتعديل.
كما لم يخطر ببال اللجنة المالية المطالبة بزيادة ايرادات الدولة من الضريبة المباشرة وازالة التشوهات التي طرأت على السياسة الضريبية ومخالفتها للدستور بالعودة الى الضريبة التصاعدية والعودة الى المبادىء التي ارساها الدستور الاردني. وقانون ضريبة الدخل قبل التعديلات الواسعة التي طالته. وخاصة التي صدرت بموجب القانون المؤقت رقم 28 لعام 2009 . والتي كانت تتضمن ما يلي:
1- إعادة توزيع الدخل لتحقيق العدالة بفرض الضريبة التصاعدية.2- استخدام السياسة الضريبة كأداة لتحفيز القطاعات الاستثمارية الإنتاجية, خاصة في قطاعات الصناعة والزراعة والسياحة .3- مراعاة مقدرة المكلفين على الاداء وحاجة الدولة الى المال.
استبدلت هذه المبادىء والاهداف بما يسمى بعدالة توزيع العبء الضريبي. بتخلي الخزينة عن جزء مهم من ايراداتها لصالح البنوك وشركات الاتصالات ووكلاء الشركات الاجنبية, من دون مبرر في حين توسعت في تطبيق الضريبة العامة على المبيعات, ذات الطبيعة الانكماشية والاثر السلبي على اصحاب الدخل المتدني والمتوسط, كون معظم دخل هذه الفئات يتجه نحو الاستهلاك, فهي تحرم الفئات الاكثر فقرا من توفير بعض الضروريات وتفرض عليها العيش ضمن الحدود الدنيا من مستلزمات الحياة, كما تحرم متوسطي الدخل من الادخار, والمساهمة بنشاطات تنموية اقتصادية, اما اصحاب الدخل المرتفع لا تشكل نفقات الاسرة نسبة مرتفعة من دخلهم. وبالتالي رحب هؤلاء بضريبة المبيعات كونها اسهمت بتخفيض عبء ضريبة الدخل على ارباحهم, ونقلت جزءا مهما من العبء الضريبي المفروض عليها إلى المستهلكين.
معالجة الازمة المالية والاقتصادية يتطلب تصويب التشوهات الهيكلية للاقتصاد الوطني, بتوجية ودعم الاستثمار نحو المشاريع التنموية الانتاجية, وتحقيق اصلاح ضريبي يحقق العدالة المجتمعية, ويوفر المال للخزينة, واعادة هيكلة الموازنة بتوزيع الانفاق وفق اولويات احتياجات المواطنين, وضبط نمو النفقات بمعدل نمو الايرادات.
span style=color: #ff0000;العرب اليوم/span