مهمات ليست بمستحيلة
أتمنى للحكومة الجديدة "جدا" التوفيق في ترجمة كتاب التكليف السامي ، ولا أعتقد بأن هذه التوليفة الحكومية تحتاج لوقت طويل لتوحيد إيقاع أدائها ، الذي برزت ملامحه من خلال كتاب الرد على خطاب التكليف ، وسرعان ما سيسير القطار الحكومي على "سكة" الأداء بسبب الخبرة الكبيرة التي يتمتع بها أغلب أعضاء الفريق الوزاري.
المهمة الحكومية الأولى هي شعبية بامتياز ، حيث لم يغفل رئيسها البخيت عن هذه المهمة ، في الأيام الأولى لتكليفه ، وحاول أن يقوم بالمهمة وحيدا من خلال مشاوراته مع مختلف الأطياف السياسية والنخبوية ، وأعتقد أنه حقق علامة لا بأس بها في هذا المجال ، ولن يكون صعبا أن يحققها كاملة بعد انطلاقه على مضمار ترجمة كتاب التكليف المميز ، فالشارع ما زال يعاني من نوبات شعبية وموجات احتجاج بمختلف الترددات ، لكنها قليلة جدا مقارنة مع حالتها قبيل استقالة الحكومة السابقة ، وفي هذا السياق يمكن أن يكون لنا حديث آخر ، عن جدوى "الاستعراضات الشعبية" في وجه الحكومات الجديدة ، وعن منطقية المطالب ووطنيتها وإمكانية تحقيقها ، حيث يعاني الشارع من تمجيج ، أتمنى أن يقل بسبب النوايا الحسنة التي أبداها البخيت في كتاب الرد على خطاب التكليف ، حيث أفرد محورا كاملا للحديث عن المعارضة ووطنيتها ، ورشدها عندما تريد للوطن حماية وإصلاحا.
ومن بين الملفات الأسخن والأكثر تأثيرا في تقييم أداء الحكومة الجديدة ، هو الملف (الاقتصادي - الاجتماعي) ، حيث لا يمكن تناوله منذ الآن كملف اقتصادي فقط أو اجتماعي ، لأن الأزمات الاقتصادية العالمية والمحلية المتلاحقة ، أثرت بل خربت كثيرا في الجانب الاجتماعي ، وهذا الاضطراب أو الخراب كان وما زال أهم الأسباب لجموح المطالبات الشعبية ، وقدم البخيت عرض نوايا مميز في كتاب الرد على خطاب التكليف ، وهو كلام "افتقدناه" كثيرا ، بعد أن قطعنا مسافات وربما مساقات على طريق (الإصلاح البنيوي للاقتصاد) ، وحسب البخيت أنه تحدث عن اقتصاد السوق الحرة وقوانينها ، بوصفها أنها ليست قدرا ولا أوامر سماوية ، وهو بذلك يشير الى ما رأينا من تخلي أمريكي وأوروبي عن هذا الاقتصاد "المجنون" أثناء ذروة الأزمة الاقتصادية العالمية.
وعلى صعيد الاعلام ، شكرا للبخيت ولطاهر العدوان ، لأن عملية اسناد حقيبة شؤون الاعلام والاتصال الى طاهر العدوان ، هي كل الحل وليس نصفه ، لأننا بصراحة "شبعنا تجارب ونظريات لا أب لها ولا أم" ، وهنا لن أكتب كثيرا هنا أو بغير المكان لطاهر العدوان ، وسوف أعود لبعض مقالاته في العرب اليوم وتعليقاتي عليها ، وربما أرفق صورة أو أكثر لمقالاتي في هذه الزاوية أو التي نشرتها العرب اليوم سابقا حول ذات الموضوع.. وسأكتفي بإرسالها تذكيرا لوزير الدولة لشؤون الاعلام والاتصال وتقريرا ، بأن هذا وقت الإصلاح ، فلتصلح ما خربوا ، ثم اجعل "سدّا" بيننا وبين من خربوا ، وخلف السّدّ "ردما".. إفعل يا طاهر واصلح ما أفسدوا.. رجاء.
كلها مهمات حكومية صعبة بلا شك ، لكنها ليست مستحيلة.
الدستور