مهارات الحياة.. التعليم ليس بخير!

مهارات الحياة.. التعليم ليس بخير!
الرابط المختصر

لا يفرحني كثيرا أن تقول منظمة "اليونسكو" إن أبناءنا هم أفضل الأولاد في الجمع والطرح، والضرب والقسمة، واللوغاريتمات، والتفاضل والتكامل.. ولا قصص النجاح الحقيقية والفعلية في التعليم، لكنها نادرة؛ فالنادر لا حكم له، وليس أمرا عظيما أن يكون لدينا ألف معلم مميز وعبقري! قصص النجاح والتميز يمكن أن نجدها حتى في الصومال، ولكن ذلك لا يعني أن التعليم والدنيا في الصومال بخير! وبالمناسبة، فإن الصومال كانت أسبق الدول العربية في تفعيل وتطوير استخدام الموبايلات!أقول بحدود تجربتي الشخصية وما عرفته واطلعت عليه في التعليم في بلادنا، إننا لم ننجز شيئا يذكر في تعليم مهارات الحياة، والتربية الرياضية والفنية والموسيقية والمهنية.

فخلال اثني عشر عاما درستها في المدرسة، وخلال سنوات دراسة أبنائي وما اطلعت عليه، لم تكن حصة الرياضة سوى خروجنا، 44 تلميذا، لنركض جميعا وراء "الطابة" (التي جمعنا ثمنها واشتريناها)، بلا أي ممارسة حقيقية رياضية أو اجتماعية أو ثقافية. ولم تكن حصة التربية الفنية سوى استخراج دفاتر الرسم والرسم عليها بأنفسنا وكيفما اتفق، بدون أن نتعلم مهارة واحدة، أو حرفا واحدا في مهارات الرسم والنحت والتشكيل والألوان والجمال.

كما لم تكن التربية المهنية تعني شيئا؛ إذ لم نتلق فيها أيضا حرفا واحدا ولا مهارة واحدة، بل كانت غالبا الحصة الأخيرة ولا تشغل بشيء! أما التربية الموسيقية، فلسان الحال: صلّ على النبي يا رجل! وللأمانة، فقد تعلم أحد أبنائي شيئا في حصة التربية الموسيقية؛ كان الأستاذ يحفظّه وزملاءه أشياء يسميها أناشيد من تأليفه، يستحي أن يدعي تأليفها طالب في الصف الأول الأساسي.الأبناء والبنات يستحون غالبا في المدارس، حتى الخاصة منها التي تتقاضى من طلبتها أقساطا مرتفعة، من المشاركة في أي مهارة حياتية أو فنية أو إبداعية.

وعندما يحاول أستاذ تعليم التلاميذ شيئا، تصل رسائل قوية وواضحة من الأهالي بأنهم لا يريدون تعليم أبنائهم شيئا من ذلك، وأنهم لا يحتاجون سوى العلوم والرياضيات واللغة الإنجليزية!المؤسسات التعليمية، والمعلمون، والأهل، والمجتمع، والحكومة، يعتقدون بأهمية حفظ جدول الضرب أكثر بكثير من تعلم مهارات الحياة والفنون والثقافة والرياضة والإبداع.. ولذلك، فإننا نهدر الملايين كل عام على التربية الرياضية والموسيقية والفنية والمهنية، ولكننا لا نعلّم شيئا.

وبعد هذا الخراب، ندعو إلى مواجهة العنف والخواء والاكتئاب والعزوف عن التعليم والعمل التطوعي في المدارس والجامعات! نحن ندفع ثمن سياسات تعليمية ومجتمعية وثقافية طويلة ومتراكمة، لا يقل عمرها عن خمسين عاما!

 الغد