من يتحمل مسؤولية اللاجئين السورين؟

من يتحمل مسؤولية اللاجئين السورين؟
الرابط المختصر

تتزايد الأعباء على الأردن يوما بعد آخر في استضافة الآلاف من اللاجئين السوريين الذين زاد عددهم الإجمالي حتى الآن عن مئة وثمانين الفا، في الوقت ذاته التي ما زالت فيه المساعدات الدولية والعربية قاصرة عن الاقتراب من التكاليف الحقيقية التي يتكبدها الجانب الأردني في ادائه لواجبه القومي والإنساني في استقبال من ضاقت بهم الأرض بما رحبت والقوا رحالهم على هذه الأرض الطيبة التي ما توانت يوما عن إغاثة الملهوف حينما تدهمه المحنة من كل صوب، وهذا ما يشهد به تاريخ اردني حافل في احتضان موجات نزوح جماعية وتقاسم اللقمة والخدمة مع الأشقاء الذين اتخذوا رحابه ملجأ وملاذا إلى ان تنزاح الغمة مهما طال عليها الزمن ! .

ان متابعة أوضاع اللاجئين السوريين القادمين إلى الأردن عن بعد لا يمكن ان تعطي صورة متكاملة عن حجم الأعباء والضغوط التي يقوم بها ويتعرض لها الوطن وأبناؤه النشامى في اداء مهمة نبيلة في ظل ظروف قاسية على جميع المستويات، لكن ان تشهد ذلك عن قرب وان تجول بين حوالي ثلاثين الفا ممن يقيمون في مخيم الزعتري من اراضي المفرق ، فانك تواجه الحقيقة كما هي على ارض الواقع، وهذا ما استهدفته جولة في معية وزير الداخلية لعدد من الزملاء الكتاب الصحافيين حتى يشهدوا مدى الأعباء الملقاة على عاتق الأردن في قضية ذات طابع دولي وقومي وانساني، تعود في جذورها الى اكثر من عام ونصف العام ولا تبدو لها نهاية في المدى المنظور ! .

اول ما يمكن تلمسه بوضوح في مخيم الزعتري الذي يتوقع ان تصل اعداد المقيمين فيه الى اكثر من سبعين الفا خلال الشهور القادمة مع التزايد القياسي في نسبة القادمين يوميا من اللاجئين السوريين بما في ذلك من عسكريين بعضهم برتب عالية يزيدون على الألف، هو محدودية المساعدات الدولية والعربية والانسانية عموما حتى الوقت الراهن، ليتحمل الجانب الأردني وحده تبعات مالية وأمنية وإدارية باهظة ومعقدة بعد ان وصلت التكاليف المقدرة لإنشاء هذا المخيم الرئيسي الى حوالي مئة وخمسين مليون دولار، يضاف إليها ما يزيد على مئتي مليون دولار كنفقات لاكثر من مئة وخمسين الفا من اللاجئين المقيمين داخل المدن الأردنية ممن يساهمون في الضغط على البنية التحتية من سكن ومياه وتعليم ومواد مدعومة اكانت غذائية او محروقات وغير ذلك مما يعاني منه الاقتصاد الأردني من مشكلات مزمنة أصلا ! .

صور مشرقة كثيرة يمكن تلمسها في خضم هذه المأساة السياسية والانسانية الا وهي الاستعدادات الاردنية على مختلف المستويات لاداء الواجب القومي والانساني ضمن فرق امنية وادارية ولوجستية غاية في الدقة والتنظيم المعهود دوما في الاجهزة الرسمية على اختلاف مهامها ومسؤولياتها، وكذلك الحال مع الفرق الطبية العربية والدولية المتواجدة في خدمة المرضى من المقيمين في مخيم الزعتري ومنها المستشفيات المغربية والفرنسية والاردنية الايطالية التي تتفانى طواقمها في تقديم خدمة طبية متطورة داخل الخيام، ومحاولات جاهدة لتوفير اكثر من ستمائة الف لتر يوميا من المياه الصالحة للشرب وللاحتياجات الاخرى وتقديم الوجبات الغذائية بمعدل اربعين الف وجبة كل يوم من الهيئة الخيرية الهاشمية وبرنامج الغذاء العالمي وايضا من المجتمع المحلي الاردني الذي يهب دوما لاغاثة من يستنجدون به في اوقات الضيق والشدة ! .

طواقم اردنية تستحق كل التقدير على الواجهات الحدودية وفي تأمين وتنظيم استقبال واقامة اللاجئين السوريين الذين يتوقع ان يبلغوا مئات الالاف اذا ما استمرت حالات النزوح مع تفاعلات الازمة السورية الدامية والمدمرة على هذا النحو المتأزم، الا ان كل هذه الجهود الذاتية التي قد تفوق الطاقة والقدرة ايضا تفتقر لغاية الان الى مساندة دولية وعربية على ذات المستوى من التحديات، التي تستلزم مواجهة جماعية يتحمل فيها المجتمع الدولي كامل مسؤوليته دون القاء التبعات على الاردن وحده، بخاصة وان الاجواء على ابواب الفصل الشتوي الذي يستلزم استبدال الخيم بغرف جاهزة قادرة على مواجهة عواصف الشتاء وبرده وامطاره مع تأمين التكاليف التي لا بد منها لاقامة المخيمات ورعايتها وتوفير الاحتياجات المعيشية اليومية لمن ابتعدوا عن الوطن والاهل والاحبة على امل ان يعودوا في اقرب فرصة الى الديار ! .

العرب اليوم

أضف تعليقك