من أجلنا جميعا.. توقفوا عن التحشيد والتحريض
حملات ظالمة تستهدف الإعلاميين وأجواء مسمومة تعيق الاصلاح .
سممت احداث ساحة النخيل الاجواء في البلاد, في وقت نحن بامس الحاجة الى اشاعة اجواء من الثقة لكسب التأييد والقبول للوجبة الاولى والاهم من الاصلاح والمتمثلة في تعديلات الدستور, ولا ادري كيف لنا ان نقنع الاغلبية من الرأي العام بجدية الاصلاح بعد الذي جرى يوم الجمعة الماضية, ووسط حالة التحشيد والتجييش السائدة والتي تعيد الى الاذهان الاجواء التي تلت احداث 25 اذار الماضي.
يشعر المراقب للتطورات خلال الايام الاخيرة ان السلوك الرسمي في التعاطي مع احداث ساحة النخيل وخاصة مع وسائل الاعلام لم يختلف عما حصل بعد احداث دوار الداخلية. والمفارقة المؤسفة ان الاعلاميين كانوا ضحية في الحدثين, فقد تعرضوا للاعتداء والتنكيل ومن ثم لحملة ظالمة تهدف الى الطعن بمهنيتهم, والنيل من سمعتهم, والتشكيك بوطنيتهم, والتحريض الذي وصل الى حد التهديد بالقتل. وفي الوقت الفاصل بين احداث الداخلية وساحة النخيل, لم يمر اسبوع من دون ان يتعرض اعلامي للاعتداء او التهديد اثناء تأدية عمله.
وبودي ان اتوقف هنا عند ما حصل للزميل ياسر ابو هلالة مدير مكتب الجزيرة في عمان الذي يتعرض لحملة ظالمة. لم اكن بحاجة الى مشاهدة مقاطع الفيديو على "اليوتيوب" التي تنقل الفصل الثاني مما حدث مع الزميل في ساحة النخيل, لانني ببساطة كنت في عين المكان وشاهدا على الحدث.
وسط حالة الهستيريا التي سادت في المكان حاول افراد من الامن منع مصور الجزيرة - وهو بالمناسبة شقيق ابو هلالة - وبالقوة من تصوير مشاهد لرجال امن يعتدون بالضرب على متظاهرين, وذلك بقطع اسلاك الكاميرا ثم محاولة القائها بالارض وتجمع اكثر من اربعة من رجال الامن على المصور بدفعه الى الخلف وضربه لمنعه من التصوير, تدخل الزميل ياسر ابو هلالة لحماية مصوره وشقيقه فباغته احد رجال الامن بلكمات قوية على الوجه كاد معها ان يسقط على الارض, وللانصاف تدخل اكثر من ضابط امن عام لردع المعتدي. مقاطع الفيديو المتداولة تغفل الجزء الاهم والاول من الحادث وتركز على ردة فعل ابو هلالة بعد ان تعرض للضرب والاهانة, وكان بالفعل منفعلا للغاية, واتساءل معكم: كيف سيكون رد فعل اي واحد فينا يتعرض للضرب والاهانة بالشكل الذي تعرض له ابو هلالة وغيره من الاعلاميين والمشاركين في المسيرة? لقد شاهدت العديد ممن تعرضوا للاعتداء في ذلك اليوم, كانوا في قمة غضبهم وانفعالهم ويرددون كل ما يخطر على بالكم من شتائم وتهديدات, هل كانوا يقصدون حقا كل ما قالوه? بالتأكيد لا, لكن الانسان في مثل هذه اللحظات يفقد عقله. وما هو رد الفعل المحتمل من شخص مثل ابو هلالة سلاحه القلم والصورة?!
وربما ان زميلنا سامي محاسنة يحسد ابو هلالة وزملاؤه, فقد كانوا في وعيهم ونفّسوا غضبهم بالكلام, بينما لم يتمكن وهو يتلقى الضربات ان يفتح فمه بعد ان فقد وعيه.
لا نريد العودة الى اجواء التحريض والتجييش, الشارع لا يحتمل المزيد من التأزيم, دعونا من ذلك كله, فالجميع سيخسر, علينا ان نستخلص الدروس مما حصل ونتجاوز حالة الانقسام والشد فامامنا الكثير من المهمات التي تحتاج الى تكاتف وطني لنعبر بالاردن عنق الزجاجة.
العرب اليوم