ملف الإصلاح .. لكيلا نقع في المحظور

ملف الإصلاح .. لكيلا نقع في المحظور
الرابط المختصر

ثلاثة أخبار يجب أن نقرأها بانتباه، ولأنني أثق بقدرة القارئ العزيز على فهم رسائلها وما تخفيه بين سطورها فإنني سأترك له التعليق عليها وأكتفي بالتنويه فقط.

أول هذه الأخبار القرار الذي صدر عن المجلس الوطني الفلسطيني باستثناء الأردن من أوطان الشتات للفلسطينيين في انتخابات المجلس التشريعي القادم.

الخبر الثاني: الزيارة التي قام بها وفد امريكي مؤخرا لعمان وما تسرب منها من نقاشات دارت حول عملية الاصلاح في الاردن وضرورة انجاز انتخابات نيابية وفق قانون يراعي “التمثيل السكاني” اضافة لحسم مسألة “التجنيس” فيما يخص “حملة البطاقة الخضراء”.

أما الخبر الثالث: فيتعلق بتصريحات متتالية لقيادات في مجلس شورى جماعة الاخوان المسلمين صبت كلها في اتجاه “ضرورة الاستعداد للمشاركة بالحكم” فقد قال الشيخ حمزة منصور ان “الاسلاميين” قادمون والمشاركة بالحكم اصعب من المعارضة فيما أكد الشيخ زكي بن رشيد “ان الحركة الاسلامية بدأت تتهيأ لتحمل مسؤوليات رسمية في الدولة انسجاما مع المتغيرات الاقليمية التي تشهدها المنطقة”.

إذا اضفنا لهذه الأخبار الثلاثة ما حدث في الشهور الثلاثة الماضية منذ تشكيل الحكومة الجديدة سواء من جهة العلاقة التي جرى ترسيمها بين الاخوان والدولة والانسحاب الهادئ الذي مارسته الجماعة من “الشارع” والنقاشات التي دارت حول “الزيارة” و”العودة” وكذلك “اعادة جمعية المركز الاسلامي” للاسلاميين واضفنا –ايضا- اللقاءات التي شهدتها عمان بين الفلسطينيين والاسرائيليين والخلوة التي تمت في البحر الميت ثم انطلاق مبادرة “النقابيين الاسلاميين” لتوحيد الصف الاسلامي واعطاء زخم سياسي “للاخوان” فإن الصورة تبدو واضحة تماما.. ولا تحتاج الى تعليق.

ومع ذلك استأذن القارئ الكريم بتسجيل ثلاث ملاحظات على هامش ما جرى، واتمنى على اخواننا الذين خرجوا للمطالبة بالاصلاح في المحافظات والاطراف وتعاملوا مع المشهد بمنطق “استعادة دولتهم” لا بمنطق “المحاصصة” ولا بمنطق الحسابات السياسية التي تفكر بها النخب.. ان ينتبهوا الى الصورة وان يتعاملوا معها “برؤية” عقلانية ووطنية ايضا بعيدة عن الحماس الزائد والعواطف الجياشة.

الملاحظة الاولى ان لعبة “الصراع” على الاصلاح حسمت على صعيد النخب وان ثمة “صفقات”قد تمت لإرضاء بعض الاطراف وأخشى ما أخشاه هنا ان تكون على حساب “مطالب” الناس وأولوياتهم الحقيقية وان يخرج منها هؤلاء “الشباب” الذين حركتهم دوافعهم الوطنية وظروفهم الحياتية وحرصهم على البلد “بكف عدس” فيما تحصد الأحزاب والنخب “المحصول” وتستولي على البيدر.

الملاحظة الثانية: ان حسم قضية “الموطنة” لا يمكن انجازه “بوصفات” جاهزة او بقانون انتخاب يهبط بالبرشوت انما لا بد من توافقات وحوارات وطنية جادة تفضي الى وضع صيغة مقبولة لتجاوز هذه الاشكالية دون تدخل من احد.

اما الملاحظة الثالثة فتتعلق بـ “القيادات” الشبابية الصاعدة التي ما تزال احتجاجاتها ومطالبها غير مؤطرة سياسيا، وهنا اقترح أن ينهض هؤلاء الى “تأخير” حراكهم في تيار سياسي فاعل وقادر على تقديم مطالبه بشكل مؤثر.

لكن يبقى الأهم ان ننتبه الى ان “الاصلاح” الذي يريده الاردنيون لا يتعلق فقط بأولويات النخب ومشكلاتها وبالتالي حسم ملفاته على اساس هذه المعادلة إنما يتعلق بأولويات الأردنيين كلهم التي اصبحت معروفة وعنوانها “استعادة الدولة” والتحول نحو الديمقراطية وبناء “وطن” منيع وسيد لا غالب فيه ولا مغلوب.

الدستور