ملامح "الانتخاب".. إصلاح غير سياسي

ملامح "الانتخاب".. إصلاح غير سياسي

الحكومة استبعدت مبكرا كل الاقتراحات واعتمدت صيغة معدة سلفا.

كان بودنا ان يخوض رئيس الوزراء في تفاصيل قانون الانتخاب الجديد ويكشف للرأي العام النظام الانتخابي الذي جرى اعتماده لعلنا بعد ذلك نشاركه الثقة بقدرة القانون الجديد على »فرز مجلس نواب قوي يكون قادرا على المساعدة في تحمل المسؤولية ومواجهة التحديات والنهوض بالاردن الى المكانة التي يستحقها« كما قال في مقابلته مع التلفزيون الاردني ليلة امس الاول, لان ما يتوفر للمتابعين من معلومات "مؤكدة" حتى الان حول القانون العتيد لا يجعلنا ابدا في صف المتفائلين او الواثقين, لا بل ان اعتماد القانون لمبدأ الدوائر الوهمية المساوية لعدد اعضاء مجلس النواب يدفع بكل المعنيين بقضية الاصلاح السياسي الى التشاؤم من المستقبل.

تبرر الحكومة اعتماد القانون الجديد لضيق الوقت فكل صيغة خلاف المعتمدة تحتاج الى ما لا يقل عن السنة لاعادة تسجيل الناخبين من جديد.

اعتقد ان الحكومة ضيعت فرصة تاريخية كانت ستضع الاردن على طريق الاصلاح السياسي المنشود.

في وقت مبكر بدا واضحا للمراقبين ان الحكومة غير مستعدة لمناقشة الاقتراحات والبدائل المطروحة لقانون الانتخاب, ولم تخصص اللجنة الوزارية المعنية بالامر اجتماعا واحدا لمناقشة هذه الاقتراحات بعقل مفتوح ومن دون مواقف مسبقة حتى تلك الافكار التي تقدمت بها جهات رسمية ومراكز ابحاث.

صحيح ان الحكومة لم تبدأ من نقطة الصفر كما قال رئيس الوزراء, لكنها في المقابل قفزت عن عشرات الاقتراحات في طريقها وذهبت مباشرة الى قانون كانت افكاره معدة سلفا قبل تشكيل الحكومة يعتمد مبدأ المقعد الواحد للدائرة الوهمية الواحدة واخضعته لسلسلة من الاختبارات الوظيفية اللازمة بحيث تضمن "مراعاة الخصوصيات" المعروفة, والمحاذير التقليدية المفهومة, واهملت اعتبارات وحاجات الاصلاح السياسي الملحة.

لم يكتف القانون الجديد بسلبيات ومثالب "السابق" انما عمقها عبر اعتماد صيغة تمزق المقسّم وتجزئ الشعب الى حارات واحياء صغيرة على اسس عشائرية واقليمية ومناطقية, صيغة يستحيل معها توقع اي تطور في الحياة السياسية والحزبية او بروز كتل نيابية برامجية في البرلمان المقبل, واذا كتب لحكومة الرفاعي ان تدخل المجلس الجديد فستعض اصابعها ندما على ما فعلت يداها في القانون.

وسنكون امام برلمان خدمات بامتياز يلهث اعضاؤه لارضاء قواعدهم الوهمية وينافسون مجالس "المحليات" التي ستقوم بعد انتخابات "اللامركزية" العام المقبل لدرجة يصعب معها التمييز بين نواب الوطن واعضاء تلك المجالس.

الحكومة تعتبر القانون الجديد خطوة اولى على طريق الاصلاح يمكن تطويرها بعد الانتخابات البلدية واللامركزية العام المقبل. بينما يرى انصار الاصلاح السياسي انه يعيدنا خطوات الى الخلف.

 

أضف تعليقك