ملاحظات على هامش تقرير "الدرك"
حمل شريط أخبار "الجزيرة" خبرا يفيد بأن وزير الداخلية الأردني "يحمل مسؤولية أحداث الشغب التي أعقبت مباراة الوحدات مع الفيصلي إلى جمهور نادي الوحدات".
اعتبرت الخبر "تهويشا" وجزءا من سياسة "الجزيرة" الإعلامية المناكفة للأردن خدمة لأهداف سياسية معروفة.
خاصة أن الشريط نفسه حمل خبرا آخر على لسان د.معروف البخيت، رئيس الوزراء الأسبق، يدعو إلى تشكيل حكومة حزبية وتداول سلمي للسلطة، بما يوحي أن د.البخيت انضم إلى صفوف المعارضة وتبنى خطابها الراهن. وحقيقة الأمر أن د.البخيت قال في محاضرته، وكنت أحد مستمعيه، إنه بعد ثلاثين عاما من العمل وفق خطة تنموية يمكن أن نصل الى "مرحلة الحكومات الحزبية والتداول السلمي للسلطة"، وقد نشر النص الكامل للمحاضرة في الصحف. (لاحظوا كيف يخرج الخبر من سياقه ليوظف في غير موضعه).
لكن بالعودة إلى ما نشر عن لقاء وزير الداخلية مع النواب جاء ما يفيد بأن بعضا من جمهور الوحدات هو من بدأ بإلقاء الزجاجات الفارغة على جمهور الفيصلي خارج الملعب الذي رد بالمثل، ولم يحمل الوزير جمهور الوحدات مسؤولية الأحداث أبدا، لأن المشكلة أصلا ليس من بدأ الرشق. اعتبرت ما قاله الوزير زلة لسان، لأنه استبق قرار لجنة التحقيق التي شكلتها وزارة الداخلية، حتى لو أن الوزير متيقن من أن الأمر تماما كما قال.
لكن ما أثار دهشتي هو ما ورد في تقرير "قوات الدرك" عن الأحداث الذي وزع على النواب ونشر في الصحف.
وجاء فيه ما يؤكد أن جمهور الوحدات هو من بدأ "الرماية". ربما ما جاء في الرواية هو الخبر اليقين. لكن كان من الأفضل والأنسب أن لا يعلن رسميا قبل تقرير لجنة التحقيق، لأن هذا من شأنه أن يعطي انطباعات غير مرغوبة.
إلى هنا اعتبرنا الأمر سوء تقدير من الزاوية "السياسية" والإخراجية، لكن عندما تابعنا قراءة تقرير الدرك عن الأحداث وجدنا ما لا يمكن قبوله، حين تحدث التقرير تحت عنوان "السلبيات بشكل عام" عن "المدعو" طارق خوري رئيس نادي الوحدات كمثال للإداريين الذين "يسيئون التصرف" وجاء نصاً في التقرير "عدم خضوع رؤساء الأندية والإداريين إلى أبسط استفسار لدى سؤالهم من قبل مرتبات الدرك والأجهزة الامنية.. ومنهم من يقوم بتوجيه الانتقاد والشتائم إلى مرتبات الدرك والأجهزة الأمنية، من دون أي احترام، مثال على ذلك المدعو طارق خوري رئيس نادي الوحدات".
قد يكون ما جاء في هذا "الاتهام" صحيحا، لكن هل من الحصافة واللياقة "السياسية" الإعلان عن ذلك وبهذه الطريقة العلنية المهينة، ولماذا إقحام اسم "المدعو" طارق خوري في حديث "عام" عن السلبيات التي تحدث في الملاعب والمباريات بشكل "عام"، ولماذا مناداة نائب سابق ورئيس ناد جماهيري معروف بلقب "المدعو" بما يحمل من تجاهل واستخفاف، ما يترك عند قارئ التقرير انطباعا غير مرغوب.
ما ورد عن السيد طارق خوري رئيس نادي الوحدات، وفي مكان آخر من دون ذكر اسمه صراحة (!)، يجب أن لا يكون مقبولا في تقرير داخلي وليس تقريرا معدا للنشر، أليس من حق السيد خوري أن يدافع عن نفسه؟
شخصيا لم أكن راضيا عن تصريحات السيد طارق خوري الانفعالية بعد الأحداث واعتبرتها "تصب الزيت على النار"، وقد رد الناطق الرسمي باسم الحكومة عليها بطريقة غير مباشرة، لكن بمهنية تلحظ الظرف وما يحيط به.
أرجو أن لا يظن أحد، أنني منحاز ضد "قوات الدرك" لا قدر الله، فهم حاجة وضرورة لأمن البلد وحماية الأرواح والممتلكات ودعمها وتطويرها، والارتقاء بدورها يستحق منا واجب الدعم والتقدير. بالمناسبة، فإن والدي رحمه الله نال شرف الخدمة في الأمن العام أكثر من عشرين عاما وكان شرطيا "بثلاث شرايط"، ولحم اكتافي من الأمن العام كما يقال. أنا لا أقصد النبش وصب الزيت على نار الجدل الصاخب، بل الإشارة إلى ما يوجب التنبه له في مخاطبة الرأي العام.
الغد