مكافحة الفساد في الميزان

مكافحة الفساد في الميزان
الرابط المختصر

لا شك أن هناك تباينا في نظرة المجتمع الى الجهود المبذولة في مكافحة الفساد، فالبعض مازال يعتقد انها دون المستوى المطلوب بسبب ضعف عملية الاسترداد المالي في القضايا التي تم احالتها الى القضاء وصدر بها احكام مختلفة.

لكن اذا ما دققنا بنظرة واقعية الى الدور الذي لعبته هيئة مكافحة الفساد في السنوات القليلة الماضية يدرك تماما ان هناك انجازا حقيقيا بدأ يتلمسه الشارع مباشرة وهو انه لم نعد نسمع عن قضايا جديدة منذ فترة، وكل ما يدور الان هو التحقيق في قضايا حدثت منذ سنين.

بمعنى ان النتيجة الاولى لعملية مكافحة الفساد هو وقف النزيف الحاصل في الاعتداء على المال في القطاعين العام والخاص، وبات اليوم الكل يحسب الف حساب لاي قرار سيتخذه في موقعه، لا بل بات المسؤول في اي موقع يحرص ان يخرج من ذلك الموقع دون ان يمسه اي شائبة تتعلق باعماله.

قد يرى البعض ان هذه العملية آذت سرعة اتخاذ القرار وقللت الانجاز، وجعلت المسؤولين متخوفين من اتخاذ اية قرارات خوفا من المساءلة، والحقيقة ان هناك شيئا من الصواب، لكن هذا مرده الى شخصية ذلك المسؤول وليس الى طبيعة العملية الادارية، فالقرار الصائب وفق القوانين والانظمة لا يوجد ما يبرر تأخير انجازه سوى ضعف المسؤول فقط لا غير.

كمراقب أجد نفسي ملزما بتثبيت حقيقة ان وقف الهدر المالي الذي كان في القطاعين العام والخاص، وفر على الخزينة الكثير من الاموال والمساهمين في الشركات الكثير من الاموال التي كان بامكانهم دفعها نتيجة القرارات الخاطئة.

اجراءات هيئة مكافحة في فتح ملفات الكثير من القرارات الحكومية والاهلية، وتداعيات تلك القرارات جعل عملية صنع القرارات في المؤسسات الرسمية والشركات المساهمة العامة تسير وفقه « السكة القانونية « لاعمالهما دون وجود اي لبس كما كان في السابق.

تدخل « مكافحة الفساد» في الضغط على شخصيات عامة كانت تتهرب من دفع المستحقات المالية للخزينة طيلة سنوات خلت، بعث برسائل ايجابية للشارع، انه لا يوجد احد فوق القانون، فحق الخزينة امر مقدس لا يمكن التنازل عنه، والامر لا يقتصر على استرداد اموال فقط، وانما باسترجاع اراض للدولة كان قد تم وضع اليد عليها من متنفذين دون وجه حق.

صحيح ان الاموال المستردة من قبل من طالتهم شبهات الفساد مازالت ضئيلة مقارنة مع حجم القضايا التي حكموا بها، الا ان هذا الامر يحتاج الى قليل من الصبر، ودعم الاجراءات القضائية من كافة النواحي لتحصيل الاموال التي تم صدور احكام بها.

الدور الذي لعبته هيئة مكافحة الفساد في الفترة الاخيرة يعزز نظام التحوط من اية شبهات فساد، فاجراءات « المكافحة» تمثل وقاية مسبقة لحماية الاموال العامة، ولو كان هذا التوجه موجودا في السابق لوفر على الخزينة الكثير من الاموال التي ضاعت عليها في الفترة الماضية.

الرأي

أضف تعليقك