مقاطعة الانتخابات النيابية 2010 بين الحقيقة والوهم

مقاطعة الانتخابات النيابية 2010 بين الحقيقة والوهم
الرابط المختصر

قرار الحركة الاسلامية بمقاطعة الانتخابات لعام 2010 جاء بطريفة مؤسسية مكتملة، كما جاء بعد دراسة تقويمية متأنية لمراحل المشاركة وقراءة شاملة للوضع السياسي الأردني و الوضع الإقليمي بطريقة علمية سليمة، ومن هنا فان مقاطعة الحركة الاسلامية للانتخابات ليست حردا سياسيا وليست قرارا غاضبا منفعلا، كما انه ليس اعتزالا للعمل السياسي أو انكفاء على الذات، بل المقاطعة فعل سياسي حقيقي، و تفاعل مع الحدث بقرار سياسي مؤسسي هادئ و متزن .

كما أن الحركة الاسلامية لا تقصد البحث عن صفقات حزبية، و قرارها ليس من باب الابتزاز السياسي أو من باب استجداء الحوار من طرف، وفي الوقت نفسه هذا القرار لم يقذف بالحركة الاسلامية فوق الشجرة، فهي لا تبحث عن سلم للنزول كما يحلو لبعضهم أن يغرق بالوصف و التحليل .

فمنذ توقيع اتفاقية وادي عربة مع العدو الصهيوني، تم فرض مسار سياسي على الأردن لا يتفق مع توجهات الشعب الأردني و في إطار السعي لإضفاء الشرعية على النفوذ الصهيوني والأجنبي في البلاد نشأت طبقة طفيلية استطاعت الهيمنة على السلطة و الاستئثار بمقدرات البلد و خزينة البلد العامة .

مما أدى إلى تهميش قوى الشعب الأردني السياسية و الاجتماعية و التضييق على الحريات، ومصادرة حقوق المواطنين، و سن مجموعة قوانين كبلت الاردنين وكممت أفواههم .

كما تم الإمعان في إضعاف مجلس النواب و مسخ مكانته و اضاعة هيبته، و شل دوره في الرقابة والمحاسبة، و أصبح مجلسا هزيلا يبحث عن المكاسب الفردية بعيدا عن الهم الوطني العام .

وفي غيبة مجلس نواب فاعل، انتشر الفساد في الأجهزة الحكومية و ترهلت الأوضاع الإدارية للدولة وسادها الشلل، وتدهورت الأوضاع السياسية و أصبح الاحتقان الشعبي و الأفق السياسي المسدود سيد الموقف.

كما تدهورت الأوضاع الاقتصادية و المعيشية للمواطن، وارتفعت الأسعار، وعجزت الحكومات المتعاقبة عن معالجة الوضع الاقتصادي و اتخذت منهج الخصخصة و بيع القطاع العام و أراضي الخزينة ستارا لعمليات الفساد و تبديد موارد الدولة و نهب المال العام. ومن اجل معالجة هذا الوضع البائس اتكأت على جيوب المواطنين وأوغلت في فرض الضرائب الباهظة التي أثقلت كاهل الشعب الأردني من اجل تغطية العجز الذي سببه الفساد و العبث بمقدرات الشعب الأردني .

و أمام هذا المشهد السياسي الذي لا يسر صديقا، لابد من العودة إلى الأسس التي تجعل المشاركة من جميع الأطراف مكسبا للوطن و ليست ستارا لاستئثار فئة معزولة بالقرار و السلطة و المقدرات:

أولا: البدء بإصلاح سياسي شامل، يرتكز على تعديلات دستورية، تعيد التوازن بين السلطات و تنبثق من القاعدة الدستورية ( الشعب مصدر السلطات )

ثانيا : إيجاد مجلس نواب يمثل الشعب الأردني تمثيلا حقيقيا، و قادر على القيام بدوره الدستوري ، في مجال التشريع، وفي مجال الرقابة الصارمة على أعمال السلطة التنفيذية، ويبسط رقابته الحقيقية على مالية الدولة و نفقاتها العامة ويتم ذلك الأمر من خلال تغيير قانون الانتخابات الحالي، و إيجاد قانون عادل يكرس التنافس بين البرامج السياسية و الكتل الحزبية .

ثالثا: السير نحو تمكين الشعب الأردني من اختيار رئيس الحكومة و فريقه الوزاري بناء على التوجه العام الذي تفرزه صناديق الاقتراع.

رابعا: تشكيل هيئة وطنية تتولى إدارة حوار وطني شامل يسفر عن رسم معادلة سياسية دستورية جديدة، تمكن الشعب الأردني من تقرير مصيره و تنقل البلاد من حالة التأزم و الأفق السياسي المسدود إلى مرحلة المشاركة السياسية، و الرخاء الاقتصادي و التحرر الوطني .

خامسا : وضع حد لدوائر النفوذ الصهيوني المتزايد و المتسع على الساحة الأردنية الذي يلحق الضرر، بكل أطراف الدولة و نظامها السياسي، و يهدد مستقبل الوطن و وجود الدولة الاردنية.

سادسا : وضع حد للفساد المستشري في أجهزة الدولة و تسلم أبناء البلد المخلصين الأكفياء الذين يشعرون بالانتماء لهذا الوطن، و تسلم مقاليد إدارة أجهزة الدولة استنادا إلى شرعية انتخابية حقيقية بعيدا عن منطق الشللية و المحسوبية .

سابعا: إصلاح أوضاع المعلمين و بقية القطاعات العاملة في أجهزة الدولة المختلفة، وتمكينهم من إنشاء نقابات لهم تحفظ حقوقهم، وترفع من شأن مهنهم.

وفي الختام فان كل المخلصين و الشرفاء من أبناء الأردن و الأحرار لن يمنحوا الشرعية لأي إدارة تدير ظهرها للشعب الأردني وتمعن في تهميش قواه السياسة و تبدد ثروة الوطن و مقدرات الدولة، و تعرقل الإصلاح السياسي من خلال فرض انتخابات شكلية وعملية سياسية عبثية، و تستمد قوتها من النفوذ الصهيوني و الأجنبي .

البوصلة