مشاهد مؤذية

مشاهد مؤذية
الرابط المختصر

المشهد الأول:

انها الساعة الحادية عشرة قبل الظهر وهي ذروة ساعات العمل الرسمي. ادلف الى قاعة خدمة المساهمين في شركة مساهمة عامة عريقة لأجد ثلاثة موظفين متحلقين حول افطار متأخر ، او ربما وجبة غداء مبكرة: فلافل وحمص وفول ومخللات وشاي. اعلن عن مطلبي بوضوح فيقال لي: استرح وانتظر قليلا،. اجلس وارقب ثلة الموظفين وهم يكملون وجبتهم وسط كومة من الاوراق الرسمية والمعاملات والشيكات واجهزة الحاسوب. والحديث ، بين اقتناص اللقمات ، هو عن فوز المانيا على الارجنتين بالامس وعن خطط احدهم لقضاء اجازة في شرم الشيخ.

تمر الدقائق ثقيلة حتى شبع الرفاق وبدأوا بالتسرب الى دوائرهم واقسامهم ، باستثناء الأخ المسؤول عن خدمة المساهمين الذي اظهر عزمه على جرد محتويات طبق الفول. وبعد ان انهى المهمة بنجاح وارتشف ما تبقى في كوب الشاي وتجشأ وتحسس كرشه ومسح فمه بورقة تحمل شعار الشركة الرائدة ، جلس الى مكتبه ليسألني عن اسمي وليلقم جهاز الحاسوب بالمعلومات. انهي معاملتي واتسلم شيكي واغادر. على باب الشركة هناك لوحة كبيرة تقول: لا يوجد شواغر،.

المشهد الثاني:

انا الآن في البنك انتظر دوري لاودع شيكا في حسابي. نافذة يتيمة مخصصة لخدمة العملاء يجلس خلفها موظف مرتبك. يمر الوقت بطيئا والصف لا يتحرك. وهناك موظف كبير الرتبة يراقب المشهد ولا يتدخل. نفهم ان موظف "التيللر" متدرب وان مديره يلاحظ اداءه بصمت. اما العملاء الاعزاء فعليهم ان ينتظروا. نبدأ بالتذمر ويعلن احد الزبائن انه واقف منذ اكثر من نصف ساعة وانه ترك العيادة ملأى بالمرضى، يرد عليه موظف آخر بان الجهاز لا يقرأ الشيك الممغنط وانه لابد من ارسال فاكس الى الفرع المعني. اتململ وارمق المدير بنظرة عتاب وربما استجداء لعله يتدخل لمساعدة العملاء الواقفين هنا والجالسين هناك. لكنه لا يحرك ساكنا. على الكاونتر هناك لوحة تعلن بلا خجل: نحن في خدمتك ورأيك مسموع،.

المشهد الثالث:

انا في الصويفية بعد ان اودعت الشيك أخيرا. امشي نحو سيارتي التي تركتها في موقف بالأجرة. هناك زحام في الشارع والسير متوقف وضجيج ابواق السيارات يملأ الفضاء. ابحث عن السبب فاذا هو بسيط وشائك: سائق ترك سيارته في منتصف الشارع وذهب ليقضي حاجة غير عابئ بغيره. انتظر قليلا لعل الغائب يثوب الى رشده ويتذكر انه ليس وحده في هذه المدينة التي تعج بالسيارات. لكنه لا يأتي. اترك هذا المشهد وانسحب.

المشهد الرابع:

في طريقي الى المنزل: زحام في الشوارع والسيارات تتقدم ببطء وحر قائظ. امامي سيارة يبدو ان قائدها فرغ للتو من التهام شطيرة. بكل بساطة وجرأة يمد ذراعه ويلقي ببقايا الطعام والورق في الشارع قبل ان يكمل طريقه. هي ليست المرة الأولى التي ارى فيها هذا المنظر. المثير في الأمر ان السائق من مشجعي المنتخب الانجليزي حيث يرفرف علم انجلترة على سيارته. ليتنا نقتدي باخلاق تلك الأمم وقيمها المدنية ما دمنا نشجع فرقها،.

الدستور