مسوغات الرئيس في الجمع بين الحقائب الوزارية

مسوغات الرئيس في الجمع بين الحقائب الوزارية
الرابط المختصر

المتابعون لمسيرة دولة رئيس الوزراء الدكتورعبد الله النسور- مع الاحتفاظ بقدرٍ معينٍ من المعرفة بالأشكال التنظيمية للإدارة العامة- يمكنهم التقاط دواعي ومسوغات الشكل التنظيمي الذي ظهرت به الحكومة الجديدة. فلقد كانت مسألة الإشارة إلى ضرورة التقشف المؤدي إلى الرشاقة في الفريق الوزاري موضِعَ اهتمام طروحات و خطابات دولتهِ البرلمانية ولقاءاتهِ الإعلامية داعياً من خبرةٍ امتدت لعقودٍ كثيرة في مواقعَ متقدمةٍ من الإدارة العامة إلى إعادةِ نظرٍ في الشكل التنظيمي للفريق الوزاري بحيث يكونُ قليلاً ليعمل رشيقاً ويعدو سريعَا مُعتبراً أنَّ الإنجازَ في العمل العام في سباقٍ مع الزمن.

إنَّ مُنطلَق الرئيس لم يتوقف عند هذا الحدّ من المُسوّغات في عمليةِ الجمع حيثُ أنَّ رؤيتهُ قد قادتهُ إلى الاعتقاد بأنَّ فاعلية عمليات التوجيه والمتابعة والتقييم المُناطة برئيسِ الوزراء تجاهَ أعضاء فريقه تتطلبُ أنْ يكونَ نطاقُ إشرافه في دائرةٍ ذات قُطرٍ يُساعدُ في الحصولِ على أكبرِ قدرٍ ممكن من الأتصال الفعال والسيطرة المتوازنة التي يوجّهها الرئيس إلى أداءِ فريقه الوزاري.

 يُضافُ إلى ما تقدَّم من مُسوّغات الحرص على منح فرصٍ أكبر للوزراء لاكتشافِ مواضِع التكامل بين أعمال الوزارات التي خضعت للجمع مما يجعل من خططهم وبرامجهم أكثرَ كفاءةً وفاعليةً حينما يحول الجمع بين الازدواجية في توظيف الموارد وتشتت بوصلةَ الاستهداف لتلك البرامج والخطط. وإذا ما تمَّ النظر إلى البعد الاقتصادي لهذا الشكل التنظيمي من زاويةٍ أخرى فإنَّ هناكَ وفراً مالياً في الرواتب والمخصصات سيتحقق مع تناقص العدد السابق للوزراء في الحكومات الماضية، وفوق ذلك كلّه فإنَّ الرئيس يعرف حقَّ المعرفة وبالتجربة العملية المتكررة أنَّ دور الوزير دورٌ استراتيجي يقومُ على توجيه الوزارة ومؤسساتها نحو تحقيق الأهداف، وتنفيذ مبادراتٍ منسجمةٍ مع كتاب التكليف السامي، ومتابعة وتقييم أداء فريق الوزارة في هذا السياق؛ وبالتالي فإن الجمع بين حقيبتين وزاريتين لا يعني بالضرورة الجمع بين وظيفتين إنما التوظيفَ المُدمَجَ للخبرةِ والوقتِ والإدارةِ في محيطٍ أوسع تتقاطعُ فيه الموارد والاهتمامات والبرامج.

 إنَّ الشكلَ الذي خرجَ به الرئيس للفريق الوزاري يُعدُّ خطوةً أولى في طريق إصلاح الإدارة العامة وإعادة هيكلتها وفقاً لمتطلبات الإصلاح الشامل والمرحلة الدقيقة التي يمرُّ بها الأردن، كما أنهُ يُمهد لمرحلةٍ قادمةٍ باتجاه الدمج بين الوزارات وليس الجمع فقط بين الحقائب الوزارية، ومن المؤكد أنَّ ذلكَ لن يكونَ على حساب جودةِ الكفاءةِ الفنية لاختصاص كلِّ وزارة إنما محاولةٌ لترشيدِ وإعادةِ توجيه الدوائر المتماثلة والعاملة في مجال الخدمات المؤسسية في الوزارات والمؤسسات العامة والتي يُشكّلُ العاملون فيها ما يُقارب الـ (30%) من إجمالي عدد العاملين، بالإضافةِ إلى الفوائد الأخرى المتحققةِ من عمليات الدمج والمرتبطة بتحسين الأداء المؤسسي العام وتعظيم النتائج والآثار الإيجابية على الاقتصاد الوطني.

الرأي

أضف تعليقك