مسؤوليتنا أمام حماية تشريعية أفضل لعاملات المنازل

مسؤوليتنا أمام حماية تشريعية أفضل لعاملات المنازل
الرابط المختصر

رغم شمول قانون العمل الأردني رقم 26 لعام 2010 أحكام العمل المنزلي إلا أن عاملات المنـــازل الوافدات يعشن في مجتمعنا في عزلة قانونية وقضائية ؛  ففي حين حدد القانون السقف الأعلى لساعات العمل اليومية وشمل حقوقهن بالحصول على الإجازات الأسبوعية والمرضية والسنوية وبـــــدل العمل الإضافي وأجر لا يقل عن الحد الأدنى للأجور وغيره من الحقوق العمالية كأي عامل آخر عـــدى عن حقهن في  التظلم المجاني أمام القضاء كون الدعاوى العمالية معفاة من الرسوم القضائية ؛إلا أن سيــد الموقف هو عدم  لجوء عاملة المنزل الوافدة للقضاء بسبب تبعيتها لصاحب العمل المتجســدة باشتراط المبيت المنزلي ووجود نظام الكفالة "القانوني" والذين يجسدا تبعية حتمية على الصعيد الإجتمـــــاعي والقانوني والإقتصادي  ،  فتجد العاملة المعنفة نفسها أمام خيارين أحدهما مر ؛ فإمــــا اللجوء للقضاء وتكبد نفقات السكن والعيش لوحدها وبشكل مفاجيء تحت طائلة التهديد بالإتهام بالسرقة أوالتسفير من قبل الكفيل أو الإستغلال من قبل الغير ؛ وإما ان تختار الإستمرار بالرضوخ لظروف معيشية مهينــة وحتى انتهاء عقد العمل مع احتمالية ضعيفة لتحصيل حقوقها العمالية اضافة لتراكم غرامات الإقامــة بحقها نتيجة امتناع الكفيل عن تجديد الإقامة السنوية مما يزيد فرص ابعادها بقرار من دائرة الإقامــة والحدود من غير حول لها ولا قوة .

     و قد تتنازل العاملة عن الحقوق المالية العالقة بين ثلاث هم صاحب العمل والكفيل ومكتب الإستقدام مقابل كسب حريتها والتخلص من الرضوخ لظروف عمل قاسية ، نزاع غير متوازن والطرف الأقوى هو الكفيل مما  يؤدي بالعاملة للهروب .. وكأنها كسبت حريتها التي لا تقدر بثمن !!! وهكذا تنتهي علاقة عمل بخسارة حتمية  تلحق بجميع الأطراف .

       أضف الى ذلك فإن عاملات المنازل محاطات بعزلة اجتماعية  بحيث لا يسهم تدني مؤهلاتهن العلمية و ضعف مهاراتهن التدريبية في تجسير الفجوة الثقافة بينهن وبين الأسرة الأردنية ؛ وبالمقابل تعاني الأسرة الأردنية من إفتقار لتقييم العمل المنزلي ومعايير العمل اللائق مما ينشيء فرصة كبيرة لعرقلة أداء واجبات كلا الطرفين ؛ وهذه الإشكاليات لا يتم معالجتها بشكل مقبول داخل الأسرة باعتبارها بيئة منزلية مغلقة تنزوي باللاقانونية عن رقابة التفتيش ، كما لا يتم معالجتها في مكاتب الإستقدام – ملاذ اللجوء الأول للعاملة-  بشكل مهني نتيجة إفتقار المكاتب للتوعية بحقوق الإنسان والتي تتبنى ذهنية سوق العاملات لا قدسية الحق في العمل  ، لتنتهي بهروب العاملة من المنزل أو المكتب .

 نحن بحاجة لاستحداث منظومة تشريعية وتنفيذية  توفر الوقاية والحماية وتستجيب لعمق القضية وتلم بأبعادها  ..... نحن بحاجة لشراكة حقيقية بين المؤسسات الحكومية ومنظمات حقوق الإنسان المختصة بالإرتقاء ببيئة العمل المنزلي وإحقاق التوازن بين طرفي العمل ؛ ومن اهم المؤسسات ذات الخبرة  إتحاد المرأة الأردنية الذي صاغ مشروع قانون متقدم لحماية عاملات المنازل بالإستناد لخبرات دولية ومحلية  منذ عام 2010  ؛ وكذلك مركز تمكين للعمالة المهاجرة الذي حمل على عاتقه تحسين اوضاع  العمالة المهاجرة في الأردن ومركز العدل للمساعدة القانونية الذي أخذ على عاتقه إيصال رقيقي الحال من اصحاب القضايا العادلة للعدالة ؛ وغيرهم من المؤسسات الفاعلة التي لا يمكن صياغة قانون يؤثر في واقع عاملات المنازل في الأردن تأثيرا حقيقيا إلا بإشراكهم  .

*ناشطة في حقوق المرأة والإنسان

أضف تعليقك