من الواضح أن أغلبية المرشحين للانتخابات النيابية، وخاصة من نواب المجلس السابق، وللدقة أكثر (نواب 111) لم تصل لهم رسالة التغيير، ولا مسببات حل المجلس، ولم يدققوا في قرارهم بالعودة مجددا إلى مجلس النواب، بالأدوات والبرنامج اللذين نجحوا فيهما سابقا، فعادوا بشعاراتهم السابقة، التي ليس لهم فيها لا ناقة ولا جمل، ويعرف الجميع أنها تصاغ بعيدا عنهم، ومن متخصصين في كتابة الشعارات، استفادوا منهم في الحملة الماضية، وعادوا لهم في الحملة الحالية.
تحوم في شوارع العاصمة، والمحافظات، فلا تجد ما يلفت نظرك من الشعارات، معظمها مستهلك، وأكثرها مكرر، وغالبيتها تشعر أنها أكبر من حجم المرشح، الذي يتوعد أن يكون بجانب المواطن، وصوته الذي لا يهادن، وغيرها من الشعارات التي أفرغت المضامين من رسالتها النبيلة.
من يتوهم أن مجلس النواب المقبل سوف يكون عمله بالمعايير والبرامج الخدمية مثل المجالس السابقة، فهو يخدع نفسه أولا، ويخدع من يتوجه لهم طالبا أصواتهم، ويخدع المستقبل الذي ننظر له بأمل أن يكون أحسن حالا من الحاضر ثانيا.
أتابع شعارات نارية من نواب كانوا هامشيين في المجلس السابق، ولم يسجل لهم أي حضور، ولا مداخلة في قضية مهمة، ولا سؤال محوري للحكومة، ولا تصويت يرضي الضمير، إنما يرضي مصالحهم ومصالح ضيقة خدمية لفئات قريبة منهم، وغابوا عن معظم جلسات المجلس، وشاركوا بفعالية في السفرات الخارجية، وساهموا في تهريب نصاب جلسات لقوانين مصيرية، وشاركوا ببلطجية واضحة مستثمرين في شركاتهم، فعلوا كل هذا وأكثر، حتى أن أسماءهم لم تحفر يوما في ذاكرة الأردنيين انهم نواب في مجلس الأمة، وإنما متعهدو خدمات بسيطة، وإعفاءات طبية من الحكومة والديوان.
هؤلاء النواب السابقون، والمرشحون الحاليون، ينشف ريقهم الان أمام أي سؤال من الناخبين، وخاصة عندما يذكرونهم بالتصويت على حكومة أسقطها الشارع بعد اقل من أربعين يوما وحصدت منهم (111 صوتا).
نأمل فعلا أن ترتقي القوائم الانتخابية إلى مستوى أفضل، تعتمد البرامج المحددة، وفي القطاعات كافة، والمسقوفة بزمن محدد.
برامج تعي فعلا الظروف التي نعيشها، وتجيب على كل الأسئلة المطروحة، حول مستقبل الأردن وثوابته، والمخططات الإقليمية التي تعيد فك وتركيب المنطقة.
برامج واقعية، تعرف جيدا الزمن الذي نعيش، والمطالب التي أخرجت الجماهير العربية للمطالبة بالتغيير، وتعرف بدقة أن نسمات الربيع العربي التي مرت عاصفة وحمراء ودموية في بلدان أخرى، وناعمة وخضراء وسلمية عندنا، تحتاج إلى فهم دقيق، وبرامج من نوع آخر، وأشخاص لم يجربوا سابقا، وإن جربوا كانوا بحجم الموقف.
سوف تبقى أسماء القوائم ورموزها وشعاراتها، أحبالا في الهواء أمام الناخبين إذا لم تنسجم هذه الشعارات مع برامج وطنية حقيقية، وتتشابه في المضمون مع حامليها، أما أن يرفع متهمون بالفساد شعارات لمحاربة الفساد فهذه الكارثة بعينها، وهم إن لم يفهموا الدرس جيدا، فبالتأكيد إن الناخبين فهموه بعمق، وسوف يقررون جيدا، ويغربلون الغث من السمين.
العرب اليوم