مجلس النواب في أزمة

مجلس النواب في أزمة
الرابط المختصر

ما تزال تخيم على مجلس النواب أجواء من التوتر، تسببت بها انتخابات المجلس الأخيرة، يضاف إليها أزمة الكتل النيابية التي حالت دون وجود معايير صلبة ترتكز عليها في عملية المشاورات الجارية لاختيار رئيس الوزراء المقبل، بعد أن أصبحت الكرة في ملعب النواب!

هذه الأزمة الحقيقية تؤكد أن المشاورات الجديدة من نوعها في عرف اختيار رئيس الوزراء، لم  تفضِ إلى توافقات تذكر على شخص الرئيس.

والسبب يعود إلى غياب رافعة سياسية تستند إليها تلك الكتل، ما أدى إلى ضعفها في وضع تصورات لمستقبل الحكومة المقبلة. وهذا ما تأكد بشكل قطعي عندما أحجمت الكتل الرئيسة في المجلس عن تسمية رئيس جديد للوزراء!

وبحسب ما يتم تداوله بين النخب السياسية والبرلمانية، فإن ما تم طرحه مع رئيس الديوان الملكي لا يتجاوز مناقشة مواصفات الرئيس المرتقب، وبرنامج حكومته. وهذا يؤكد أن الساحة خالية تماما من وجود اسم محدد لشخص الرئيس.

لكنّ السؤال الذي تصعب الإجابة عنه من قبل النواب، وفضلوا السكوت عنه، هو: لماذا لم يتم طرح أسماء يمكن أن تتحمل مسؤولية المرحلة القادمة في رئاسة السلطة التنفيذية؟

إذن، ثمة خلل يعتري عملية المشاورات.

وهذا الخلل ليس مرده فكرة المشاورات ذاتها، بل يعود إلى خلل في بنية مجلس النواب ذاته، نتيجة لمخرجات قانون الانتخاب الذي أشرنا في مقالات سابقة إلى عجزه عن إيصال بنى سياسية متماسكة، ذات أفق سياسي وبرامجي واضح.

وللخروج من هذا المأزق، عملت الكتل النيابية هلامية الطابع والمضمون على النأي بنفسها عن الدخول في تفاصيل الحكومة المقبلة، حتى لا تحاسب عليها مستقبلا أمام الرأي العام الذي ينظر بعين الريبة لكل خطوة يخطوها المجلس؛ خصوصا أن المجلس أعاد طرح ملفات لم تحظ بقبول شعبي، ولو في الحدود الدنيا، والمتعلقة بتقاعدات أعضاء  مجلس النواب.

إذ قدم النائب عبدالكريم الدغمي اقتراحا بسؤال المحكمة الدستورية عن مدى دستورية رد قانون التقاعد المدني، ما أدى إلى حرمان أعضاء المجلس من رواتب تقاعدية أبدية!إثارة مثل هذه الموضوعات التي رفضت جملة وتفصيلاً، تؤكد طبيعة تركيبة المجلس، وتعيدنا إلى المربع الأول حول أولوية الإصلاح التي يمكن أن يفكر بها المجلس، بعد أن عجز عن وضع تصورات واضحة عن طبيعة وشكل ومضمون وبرنامج وأولويات الحكومة المقبلة.

البحث عن الامتيازات في فضاء الإصلاح، وأمام الأزمة المالية الكبيرة التي تعيشها موازنة الدولة، مسألة تحتاج إلى المراجعة المتأنية، خصوصا أن الشارع يقف بالمرصاد لكل شاردة وواردة تصدر عن المجلس، ويراقب عن كثب طبيعة المشاورات الجارية مع رئيس الديوان الملكي رغم التحفظات على طبيعة تلك المشاورات.لذلك، وببساطة شديدة، يعيش مجلس النواب في أزمة منذ لحظته الأولى؛ فهل سيتمكن من التوافق على شخص رئيس الوزراء المقبل؟

الغد

أضف تعليقك