متى ترحل حكومة النسور؟

متى ترحل حكومة النسور؟
الرابط المختصر

نجح لوبي نيابي، وبدعم من "اللهو الخفي"، في ترحيل التصويت على طرح الثقة بحكومة الدكتور عبدالله النسور أمس إلى إشعار آخر. رغم ذلك، فإن التقديرات كانت تشير إلى أن الحكومة ستربح الجولة في حال صوت مجلس النواب على مذكرة "الرياطي". لذلك، لا أعلم ما هي الحكمة من وراء تحشيد النواب لتأجيل التصويت، ما دامت الحكومة تتمتع بأغلبية نيابية كافية، وبثقة صاحب القرار، وهذا هو المهم.

منذ عودة الحياة النيابية في الأردن قبل ربع قرن تقريبا، لم يُسجل سقوط حكومة تحت قبة البرلمان، حتى في المجالس التي كان للمعارضة فيها حصة جزلة.

لكن وهذه من مفارقات الحياة السياسية الأردنية- أكثر من حكومة استقالت أو أقيلت بمجرد أن تحرّك نواب لتوقيع مذكرة بحجب الثقة، وقبل أن تصل المذكرة إلى رئاسة المجلس أو تطرح للنقاش تحت القبة.

مذكرات حجب الثقة أنواع؛ أحيانا تكون بدافع نيابي صرف، تحركها اعتبارات سياسية أو شخصية، كما حصل في مذكرة حجب الثقة عن حكومة طاهر المصري اوائل التسعينيات؛ ومذكرات مطلوبة بحد ذاتها تمهيدا لقرار متخذ مسبقا "بترويح" الحكومة، كما الحال مع حكومة عبدالرؤوف الروابدة مطلع العقد الماضي، وحكومة معروف البخيت الثانية في عهد المجلس النيابي السابق، عندما استُدعي نواب إلى اجتماع عاجل من طرف مسؤول في "جهة سيادية"، وشرعوا بعدها في توقيع مذكرة حجب الثقة، والتي جمعت أكثر من 80 توقيعا في أقل من أربع وعشرين ساعة. بعد المذكرة بأيام قليلة استقالت الحكومة.

أعتقد أن المعارضة النيابية لحكومة النسور تعلم حق المعرفة أن حشد الأغلبية لإسقاط الحكومة تحت قبة البرلمان أمر متعذر. لكن، واستنادا إلى تقاليد سابقة، اعتقدت أن وجود مذكرة لحجب الثقة ربما يكون كافيا "لتحفيز" صاحب القرار على الطلب من الحكومة تقديم استقالتها، خاصة أن رموزا بارزة في المجلس كانت شريكة في "طبخ" مذكرات سابقة أطاحت بحكومات. وقد تبنت هذه الرموز من البداية استراتيجية الضغط على "الخصم" لإرهاقه واستنزاف قدراته، وصولا إلى إسقاطه، مستغلة قرارات غير شعبية، وسياسات متخبطة في بعض الملفات، إضافة إلى تدني كفاءة بعض الوزراء.

لكن، فات المعارضة النيابية هذه المرة حقيقة مهمة، هي أن مذكرات الحجب التي تأتي بمفعول السحر، تحتاج أولا، وقبل كل شيء، لضوء أخضر أو إشارة من "جهة سيادية" تعكس توجها سياسيا بحاجة الدولة إلى تغيير حكومي. لا توجد مؤشرات على مثل هذا التوجه، بل على العكس تماما؛ الثقة بحكومة النسور في أوجها، وثمة ارتياح لمعظم قراراتها، باستثناء انتقادات ناعمة لقرار زيادة الضريبة على شركات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.

إزاء وضع كهذا، فإن محاولات المعارضة النيابية إسقاط الحكومة ستبقى تراوح مكانها، وستنتهي إلى الفشل. أما في اللحظة التي يجري فيها تشغيل جهاز حجب المكالمات الهاتفية تحت القبة، فاعلموا أن كل الخيارات أصبحت متاحة.

الغد

أضف تعليقك