مبادرة عبيدات:ورقة في أجندة الحوار المفقود
كرس شرعية قرار فك الارتباط وتعرّف الوحدة الوطنية كنقيض للمشروع الصهيوني.
يَحسبُ البعض كل ما صدر مؤخرا من بيانات ومبادرات وما جرى من سجال على انها ردود فعل على بيان اللجنة الوطنية للمتقاعدين العسكريين وهذا في تقديري صحيح بنسبة كبيرة وهو امر يُحسب للمتقاعدين وليس ضدهم, مثلما ان الردود المؤيدة او المعارضة لبيانهم تؤشر على حالة تفاعل كنا نفتقدها ونقلق لغيابها. فالمهم ان تغادر القوى الحية في المجتمع حالة السبات وتشرع في حوار وطني حول القضايا الوطنية الملحة حتى وان اتخذ هذا الحوار طابعا حادا.
في هذا السياق جاءت مبادرة رئيس الوزراء الاسبق احمد عبيدات التي اطلقها مؤخرا واجتذبت المئات من شتى التيارات والآراء والمواقع, وهي ما زالت مفتوحة لمن يرغب بالتوقيع عليها.
المبادرة ليست بيانا لحزب قيد التأسيس ولا برنامج عمل وطني يعالج تفاصيل العلاقة الاردنية الفلسطينية واشكالياتها انما هي وثيقة »اللحظة الراهنة« من الصراع الذي عاد لمربعه الاول مع اسرائيل لدرجة صار معها اشد المتحمسين للسلام والتعايش على قناعة بأن المشروع الصهيوني هو التهديد الاستراتيجي الاول والوحيد للاردن ولقضية الشعب الفلسطيني.. وتتعاظم كل يوم حالة من الاجماع الوطني على ضرورة مراجعة الموقف الرسمي على جميع المستويات لمواجهة هذا الخطر عبر استراتيجية واحدة اشار بيان المتقاعدين العسكريين الى بعض جوانبها.
اردنيا فإن استذكار الميثاق الوطني بكل ما مثله من حالة اجماع وطني يعد امرا مهما في هذه اللحظة مع الاقرار بأن مياها كثيرة جرت تحت "الجسور" في العقدين الماضيين تستدعي مراجعة الفصل السابع وتطويره لمجاراة المتغيرات الناشئة.
والمبادرة كانت واضحة في رفضها لسياسة التجنيس عندما حذرت من "خلق الظروف التي تؤدي الى تمرير المشروع الصهيوني لتحويل الاردن الى بديل عن فلسطين". وكرست قرار فك الارتباط القانوني والاداري مع الضفة الغربية كواحد من الاسس التي تحكم العلاقة الاردنية الفلسطينية. وفي اكثر من موقع اكدت المبادرة على ان مواجهة "مؤامرة الوطن البديل" هي العنوان الاول والاساس للوحدة الوطنية.
هذه شعارات وعناوين, نعم, وليس برنامج عمل, لكنها يمكن ان تشكل اساسا قويا للتوافق الوطني لانتشال المجتمع من حالة التوتر والشد وخلق مناخات صحية للحوار من دون نظرات الشك والريبة.
عند هذا الحد من "الشعارات" يلتقي الموقعون على المبادرة ثم يفترقون وهذا هو الانجاز الاساسي وربما الوحيد للمبادرة ويمكن اعتبارها وثيقة تضاف الى سلسلة من الوثائق الوطنية التي طرحتها اطراف عديدة في الآونة الاخيرة تشكل في مجملها مادة دسمة للحوار الوطني المفقود.