ما‎ ‎الذي‎ ‎سيحدث‎ ‎بعد‎ ‎رفع‎ ‎الأسعار؟

ما‎ ‎الذي‎ ‎سيحدث‎ ‎بعد‎ ‎رفع‎ ‎الأسعار؟
الرابط المختصر

لقاءات رئيس الوزراء عبدالله النسور"التشاورية" مع "الأعيان" وأعضاء المجلس الاقتصادي الاجتماعي، نهاية الأسبوع الماضي، ربما تكون الأخيرة قبل اتخاذ قرار استبدال دعم المحروقات بالبدل النقدي.

وبدا واضحا من حديث النسور عن آلية الدعم، أن الحكومة قد اعتمدت بشكل شبه نهائي صيغة وقيمة الدعم النقدي.

رئيس الوزراء اكتفى بالقول إن الدعم النقدي لن يقل عن 70 دينارا ولن يزيد على 100 دينار للفرد سنويا، وسيشمل المواطنين كافة.

مصادر في الحكومة تفيد بأن النية تتجه لاعتماد مبلغ 80 دينارا للفرد سنويا كحل وسط.

وتتوقع المصادر ذاتها أن يتخذ القرار نهاية الأسبوع الحالي أو الأسبوع المقبل على أبعد تقدير.

التوصل إلى صيغة محكمة للدعم النقدي، على أهميته، لم يكن السبب الوحيد للتأني في اتخاذ قرار "تحرير" أسعار المشتقات النفطية.

السؤال عن الآثار المترتبة على الاستقرار الأمني والاجتماعي كان بنفس القدر من الأهمية، إن لم يتفوق على غيره من الاعتبارات.

لم تكن الحكومة في الواقع تنتظر اقتراحات أو أفكارا بديلة من المؤسسات والأحزاب والفعاليات التي اجتمعت معها.

كان لديها تصور مسبق ومعتمد من الحكومة السابقة لمعالجة مشكلة العجز المتنامي في الموازنة، وكل ما عليها فعله هو وضع آلية لتنفيذه.

وجولات الحوار التي امتدت لنحو ثلاثة أسابيع كانت مطلوبة بحد ذاتها لقياس ردود الفعل الشعبية المتوقعة على قرارات رفع الأسعار.

خلال تلك الفترة، تلقت الحكومة وأجهزتها ردودا متباينة. قلة من الخبراء والسياسيين دعموا توجه الحكومة لتحرير الأسعار للسيطرة على نزيف العجز في الموازنة، وتوجيه الدعم لمستحقيه من الفقراء وذوي الدخل المتوسط مباشرة.

التيار الغالب في الأوساط السياسية والاقتصادية حذر من تبعات الخطوة. في استطلاع مركز الدراسات الاستراتيجية، كان موقف عينة قادة الرأي لافتا؛ إذ عارض 80 % رفع الأسعار.

ومن أيد من أفراد العينتين (الوطنية وقادة الرأي) وضع شروطا يصعب على الحكومة الالتزام بها.

التيارات الحزبية المعارضة والحراكات الشعبية كانت أكثر وضوحا وصرامة في موقفها، عندما حذرت من "هبة" شعبية في مواجهة القرارات.

الحركة الإسلامية التي قررت مقاطعة الانتخابات رفعت من وتيرة معارضتها لخطط الحكومة في هذا الصدد.

وتقول مصادر شبه رسمية إن الإسلاميين يتحينون فرصة رفع الأسعار لقيادة حركة احتجاجية واسعة في الشارع، تقلب الطاولة على جميع الأطراف، وتجبر الدولة على التراجع عن إجراء الانتخابات بداية العام المقبل.

ويربط مراقبون بين هذه الفرضية وتصريحات قادة في الحركة بنبرة تحد بأن الانتخابات النيابية لن تجرى في موعدها.

على المستوى الشعبي العام، لا يبدو أن الحملات الإعلامية من طرف الحكومة حققت غرضها.

ليس في ذلك مفاجأة للمسؤولين؛ فما من أحد منهم يتوقع خروج مسيرات شعبية تؤيد قرار رفع الأسعار، المهم أن لا يخرج الناس إلى الشارع محتجين.

ومن الواضح أن الحكومة وأجهزتها الأمنية قد أنجزت ما يمكن تسميته "تقدير موقف" لرد الفعل الشعبي على القرار، وبأنه في حدود التوقعات القابلة للاحتواء، بدليل أنها حزمت أمرها باتجاه اتخاذ القرار خلال الأيام القليلة المقبلة.

لكن ذلك غير كاف للثقة بالنفس؛ ففي اللقاءات الخاصة مع مسؤولين حاليين وسابقين في الدولة، هناك شعور بالقلق من التداعيات المترتبة على القرارات الحكومية الوشيكة.

البعض يحذر من انفلات الشارع على نحو سريع، فيما يرى آخرون أن الضغوط الاقتصادية ستزيد من حدة الاحتقان، ويفضل هؤلاء تأجيل تطبيق خطة رفع الدعم لما بعد الانتخابات النيابية.

موجة القلق امتدت للأوساط الدبلوماسية في عمان التي تراقب عن كثب الموقف وردود الفعل.

وتسيطر على بعض البعثات الدبلوماسية حالة من الاستنفار، تحسبا من تطورات محتملة بعد قرار رفع الأسعار.

لا شك أن للقرارات الاقتصادية المتوقعة نتائج قاسية على المديين القريب والمتوسط، بالرغم من مسكنات الدعم النقدي. لكن الأوجاع مهما كانت لا تعني التضحية بحالة الاستقرار الأهلي والأمني. التمسك بهذه الميزة ليست مسؤولية المواطن وحده، بل الدولة من قبله.

الغد