ماذا يحمل العام الجديد للأردنيين؟

ماذا يحمل العام الجديد للأردنيين؟
الرابط المختصر

طوى الأردنيون عاما صعبا على كل المستويات؛ أزمة اقتصادية خانقة، زادت أعباء المعيشة على الأغلبية الساحقة من المواطنين. الموازنة العامة تنفست قليلا، لكنها ظلت تعاني من عجز ومديونية متزايدة، رغم الإجراءات التقشفية وتخفيض الدعم.

لم تتراجع مصادر التهديد الداخلي، وظل التأهب الأمني على حاله، بفعل ظروف إقليمية شديدة التعقيد، يتصدرها الهم السوري بتجلياته المختلفة؛ اللاجئون، والحدود، ومخاطر انتقال الفوضى إلى دول الجوار.

خفف من وطأة الحالة على مؤسسات الدولة، تراجع الديناميكية الشعبية مقارنة مع العام 2012؛ صوت الحراك خفت في الشارع، والإسلاميون انشغلوا بالأزمة المصرية وبمشاكلهم الداخلية. البرلمان أثار ضجيجا في الساحة، لكنه لم يتخط قواعد اللعبة.

في المجمل، أغلق العام 2013 على درجة من الاستقرار مقارنة مع العام الذي سبقه. المسؤولون، وعلى كل المستويات، بدوا أقل قلقا من السابق؛ ظهر ذلك على سلوكهم العام، وعلى تحركاتهم في الداخل والخارج.

بيد أن كل المؤشرات تفيد بأن مستوى المخاطر في العام الجديد لن تتراجع، لا بل إنها مرشحة للارتفاع.

في الميدان الاقتصادي، يؤكد أحد أبرز رجال الاقتصاد في الدولة أن السنوات الثلاث المقبلة ستكون على منوال 2013؛ عجز وسياسات تقشف، ومراوحة في نفس الحالة. وبمعنى آخر: البقاء في عنق الزجاجة إلى أن تجد الدولة علاجا شافيا لفاتورة الطاقة.

الرهان سيكون على مخصصات المنحة الخليجية لتحريك عجلة الاقتصاد، وخلق وظائف حقيقية تخفف من البطالة والفقر.

تحديات الحالة الإقليمية تفرض نفسها على الأجندة الأردنية. الأزمة في سورية لا تتجه للحل، رغم أن بداية العام الجديد ستشهد انعقاد مؤتمر "جنيف2". قلة من رجال الدولة يعولون على أول لقاء بين النظام والمعارضة السورية للخروج من الأزمة. فنحن على الأرجح أمام "عملية" تفاوض طويلة وشائكة تأخذ سنوات؛ خلالها يستمر القتال، وتضعف وحدة سورية الجغرافية، ويتدفق المزيد من اللاجئين لدول الجوار وفي مقدمتها الأردن.

ورغم الصورة القاتمة هذه، فإن مسؤولا رفيع المستوى في الدولة يعتقد أن النصف الأول من العام الجديد سيكون حاسما؛ ليس على جبهة الصراع في سورية فقط، وإنما على صعيد المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية أيضاً، والتي تجري وسط أجواء من التكتم وبرعاية مباشرة من وزير الخارجية الأميركي جون كيري.

بوادر صفقة تلوح في الأفق على ما يرى ساسة أردنيون على صلة بملف المفاوضات، ملامحها تثير جدلا واسعا في الأردن قبل أن "تستوي الطبخة". فكيف تكون الحال إذا ما وضع كيري الطبق على الطاولة؟!

داخليا، من غير المرجح أن تشهد الحالة الشعبية تصاعدا يتجاوز السياق الحالي؛ فالعوامل التي ساهمت في تراجع سقف المطالب الإصلاحية، ما تزال ماثلة إقليميا وداخليا. رغم ذلك، من غير المستبعد أن تتنامى مظاهر الاحتجاجات المطلبية والمعيشية على وقع الحزمة الثانية من قرارات إلغاء الدعم عن الكهرباء وغيرها من السلع.

لكن المؤكد أن حدود وسقوف الاحتجاج التي شهد العام 2013 ترسيمها، لن تتغير في العام الجديد.

الحياة السياسية مرشحة لتغييرات وتطورات عديدة في العام المقبل، الذي من المتوقع أن يشهد تشكيل حكومة جديدة في نصفه الأول، وطرح قانون جديد للانتخاب سيثير نقاشا واسعا. وقد يحمل العام الجديد أيضا مفاجآت مدوية على صعيد سير التحقيق في قضايا غامضة، كقضية بيع أسهم "الضمان الاجتماعي" في بنك الإسكان؛ وأخرى جرى البت فيها قضائيا بانتظار تنفيذ الأحكام، كقضية الفوسفات.

الأردن طوى سنوات صعبة في تاريخه، والعام الجديد لن يكون استثناء.

الغد