ماذا تعني الكراهية في زمن الدعاية الحربية

ماذا تعني الكراهية في زمن الدعاية الحربية
الرابط المختصر

عام 2013 كان مختلفا عن الأعوام السابقة، هو وليد تغيير دب العالم العربي، بدأت شرارته العام 2011 وما زلنا نعيش تفاصيله كل يوم بخطاب يتجاوز الكراهية واصلا إلى حد التحريض والدعوة إلى القتل.

الدعاية في زمن الحروب أختلفت عن سابقاتها من دعايات تجييش ونبذ الآخر، هذه المرة أتخذت أشكالا مختلفة مع التقدم والتطور الذي دخلت فيه شبكات التواصل الاجتماعي على خط الدعاية إلى جانب الإعلام التقليدي لتشكل بالمحصلة حربا حقيقة.

الدعاية التعبوية في حشد الكراهية ضد الفئات المهمشة من اللاجئين تحديدا في دول اللجوء كان عنوانا لأكثر من منتج إعلامي تناولته وسائل إعلام في الأردن أو مصر على سبيل المثال.

وفيه، قدمت وسائل إعلام متنوعة بقصد أو دون قصد مواد صحفية تندرج في سياق الدعاية الموجهة ضد السوريين في مناطق اللجوء فمرة يضيق الحال بسبب وجودهم وأخرى جرائم اقترافها سوريون، أو تغيير في عادة المجتمع يتحملها السوريون وحدهم..

الدعاية قد لا تتحملها وسائل الإعلام وحدها إنما مسؤولين وأصحاب القرار يصرحون للإعلام عما يعرقل خطط وزراتهم، حيث أن الأزمة السورية واللاجئ السوري شكل عقبة أمام خطاه؛ فوزارة التربية والتعليم تعاني ازدحاما طلابيا وضغطا هائلا على المرافق المدرسية، سببه السوريون، أما وزارة الصحة فالاكتظاظ على العيادات الطبية والمستشفيات أثر على مستوى الخدمة والسبب واضح بالنسبة للوزير وهو سوريون، أما رئيس الوزراء فالتوترات الأمنية ونكبة مناطق الشمال تورط بها سوريون.

وبهذا نلحظ كما هائلا من الاخبار والتقارير والمقابلات التي تحرض ضد السوري أو كل من هو الاخر، فحال العمالة المصرية أو العمالة الآسيوية ليس بأفضل حال.

الدعاية الكارهة ضد الإنسان، اتخذت من أشباه وسائل إعلام بيئة خصبة للتطور والتأثير على الرأي العام وتحويله من متعاطف مع اللاجئين إلى كاره لهم ومتحسس من وجودهم.

لا غرابة في رصد شبه يومي لخطاب الكراهية في وسائل إعلام، لنرى أن ثمة وسائل باتت ترتقي خطابات الكراهية فيها إلى مستوى الانتهاك الفاضح كأن أحدهم يدعو إلى حرق المحال التجارية المتعلقة بالعراقيين في الأردن وذلك عقب اعتداء طال السفارة الاردنية في العراق محرضا على الاعتداء بكل ممتلكات العراقيين في الأردن.

الانتهاكات والكراهية لا تنتهي في وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والإلكترنية في الأردن وبلدان أخرى، وستبقى موجودة طالما بقيت مسائلة الصحفيين يَنَظر لها كمقيد لحريتهم فيما يَطلق العنان لدعوات الكراهية والقتل دون محاسبة.

الحكومات وبعض من يرون في أنفسهم نشطاء ظاهريا لا يعملون إلا على تأثير عكسي بوعي الافراد وتشويه بادراكهم في أن الآخر له حق الاحترام والحماية؛ اللاجئ هو الهارب من الموت في بلده، حاميا حياته في بلد اللجوء إلى وقت ومن ثم سيعود إلى وطنه.

في كل صباح يخرج علينا حراس الكراهية في برامج إذاعية يطلبون فيها من المستمعين "حب الوطن" ومحاربة أحقاد الوطن وكل من تسول له نفسه بفعل يؤثر على أمن الوطن؛ لنسمع بالمحصلة مطالبات باعتقال اللاجئين الذين برأيهم سرقوا مقدرات الوطن وعرضوا الوطن للاخطار وسرقوا قوت المواطنين وضغطوا على بنيته التحتية. أما الصحف في تحليلات كتبّتها تطالب الدولة بموقف حازم تجاه اللاجئين وأمثالهم من عمالة وافدة.

كل تلك الاساءات تصدر دون محاسبة أو مراجعة ، فغياب الرقيب الاخلاقي عن وسائل الإعلام يزيد من حجم الحرب المستعرة في تلك الوسائل. كما ولطالما بقيت قضايا حقوق الانسان تشكل في كثير من وسائل الإعلام فزعة في يوم مناسبة حقوقية، وينتهي. ومن ثم نبقى طوال عام نقرأ خطاب الكراهية ودعاية نبذ الآخر..

كل ما ذكرته ليس غريبا على بعض وسائل إعلام ما تزال تنظر إلى قضايا حقوق الانسان بوصفها تقريرا دوليا يتم تغطيته بيوم وينتهي، أو جلسة مجلس حقوق الانسان، أو البعض الآخر ينظر لها كأجندات خارجية أو مشروع ممول من سفارة ينتهي بمجرد انتهاء المشروع، تلك هي نظرة عقيمة لحقوق الإنسان وكرامته وعدم ادراك بحق احترام الآخر وتقدير المختلف عنه.

بناء على ما تقدم، نرى بعض النقاط التالية قد تشكل خطوة بسيطة للحد من تلك الانتهاكات، من بينها التنظيم الذاتي للعاملين في وسائل الإعلام والمحاسبة الفاعلة بحق مروجي الكراهية وتفعيل دور القضاء المستقل في المراقبة والمحاسبة وتفعيل مسودة أخلاقية تلتزم بها جميع وسائل الإعلام وتأهيل صحفيين لتغطية قضايا اللاجئين وحقوق الانسان عامة والتركيز على وقائع حياة اللاجئين اليومية وظروف سكنهم وحياتهم داخل المخيمات واندماجهم بالمجتمعات المستضيفة وتخصيص مساحات إذاعية أو ورقية أو تلفزيونية من شأنها تحسين صورة اللاجئ وعرض وقائع حياته من أجل حمايته بل ومساعدته في تفادي الأخطاء، كل تلك الخطوات تحتاج إلى إعلام صادق ينقل وقائع حياة الآخر الذي هو اللاجئ غير السعيد بأن يكون لاجئا في بلد المنافي.

*صحفي متخصص بقضايا حقوق الإنسان

أضف تعليقك