ليلة سقوط الضفة الغربية
ليلة سقوط القدس ، يعرفها كل المقدسيين ، الذين يحدثونك كيف دخل "موشيه ديان" بعين واحدة ، الى القدس معلنا انتصاره.
ما لفت انتباهي البارحة رواية لشخص من "نابلس" يدعى زياد عاشور يقيم في "رام الله" والرواية تقول في الزميلة "الغد" ان القيادة المصرية للجيوش العربية في حرب عام سبعة وستين طلبت من الجيش الاردني ان يغادر مدن الضفة الغربية ، من اجل التركيز على حماية القدس ، مع وعدها بارسال جيش مصري وسوري الى بقية مدن الضفة ، وهو الوعد الذي لم يتحقق.
الجيش الاردني رفض كليا هذا الطلب ، غير انه لبى طلب القيادة المصرية التي يمثلها الجنرال عبدالمنعم رياض ، تحت ضغط التنسيق وعدم اتهام الاردن بعرقلة مساعي التحرير والمقاومة ، ورغم ان دبابات الجيش ، لا تستطيع ان تسير اكثر من عشرين كيلومترا دون حاملات ، الا انه تحت وطأة الطلب غادر الضفة الغربية ، لتحدث الفاجعة بعد ذلك ، بعد غياب النجدة المصرية والسورية ، عن الضفة الغربية ، كما اتفق ، عند سرد التكتيك العسكري بانسحاب الجيش الاردني.
الرواية سبق ان سمعتها من معروف البخيت رئيس الوزراء الاسبق ، وهو عسكري اصيل ، ومعها ما اشار اليه من ان مسؤولية الجيش الاردني في حرب عام ثمانية واربعين كانت محددة سلفا بمناطق محددة ، وان تزوير التاريخ يقوم اليوم على اساس تحميل الجيش الاردني مسؤولية سقوط الضفة والقدس ، ليرتاح الاخرون ، في روايات تاريخية مزورة ، ويؤكد ذات الرواية "الباشا" فاضل علي فهيد احد ابطال الكرامة.
عودة الى النابلسي "عاشور" اذ يقول ان هناك رسالة محفوظة اليوم في "صرح الشهيد" موجهة من روحي الخطيب محافظ القدس ، وانور الخطيب امين القدس ، وهي رسالة مرفوعة الى قيادة الجيش يطلبان فيها انسحاب الجيش الاردني من القدس بعد ان هدد اسحق رابين بهدم القدس على من فيها اذا تواصلت المعارك ، والبرقية وفقا لروايته ما زالت محفوظة.
اللافت للانتباه حقا هنا ، ان البعض يستصعب الاشادة بدور الجيش الاردني ، فقد حارب رجاله ، واستشهد من استشهد ، على نيته ، ولم يتخل الجيش الاردني عن القدس او عن الضفة ، اذ ان الاردن هو البلد العربي والمسلم الوحيد بين مليار ونصف مليار من العرب والمسلمين الذي له شهداء بالالاف على ارض فلسطين ، وهو ايضا الجيش الذي امكاناته كانت محدودة مقارنة بجيوش عربية جرارة لم تفعل شيئا ، ولم تقم من مكان حرق معداتها.
ليس ادل على ذلك من ارتداد الحرب في معركة الكرامة ، وهذا الاستبسال ، والنصر الذي حققه الله ، على ايدي ذات الرجال الذين تم ظلمهم قبل اقل من عام من الكرامة ، ويؤشر هذا على ان ما جرى في الحرب بحاجة الى اعادة تقييم وقراءة ، لانه يعز على المرء ان يزعم اخرون ويدعون ما يريدون فيما يصبح الدفاع عن دور الجيش الاردني في حرب سبعة وستين نفاقا او تعصبا او تملقا.