لماذا يتوعد السوريون الأردن؟!

لماذا يتوعد السوريون الأردن؟!
الرابط المختصر

تلتقي بناشطين عرب يعملون بالاغاثة الانسانية،وينقلون لك روايات مريرة،تحز في النفس،عما يقوله السوريون في الاردن،اذ يتوعدون الاردن،ويبدون كراهية شديدة،جراء ما يعتبرونه سوء معاملتهم،او ظروفهم الصعبة في الاردن.

تحتار امام هذا الكلام،فلماذا يتوعد السوريون الاردن،وهذا البلد ذاته يعاني من ظروف اقتصادية صعبة جدا،فيما فكرة اللجوء ذاتها غير قائمة في اي بلد في الدنيا على لجوء الخمسة نجوم،فاللجوء يعني بالدرجة الاولى تأمين اللاجئ في دمه وعرضه؟!.

الظروف الصعبة التي ينتقد السوريون الاردن بسببها،لا يمكن التخفيف منها،لان الظروف الصعبة تنطبق على الاردنيين قبلهم،وليس ادل ذلك من ان آلاف الاردنيين خسروا وظائفهم مقابل تشغيل الاخوة السوريين بأجور اقل،وايجارات المنازل ارتفعت في كل مكان.

لدينا نموذج مدينة المفرق كدليل واضح،على ان ابن المفرق لم يعد قادرا على استئجار بيت،فيما السوري يأخذ البيت بإيجار اعلى.

ظروف المخيمات مثل مخيم الزعتري صعبة بلا شك جداً،غير ان مسؤولية الاردن محدودة جداً،فماذا بإمكان بلد فقير،لا ماء فيه ولا مال ان يقدم للاجئ السوري،ولماذا يتم تحميل هذا البلد مسؤولية اللجوء كقرار شخصي وظرف حياة؟!.

السوريون يتوعدون الاردن على ما يعتبرونه سوء معاملة،فيما الاردني الذي يشكو من تأثيرات اللجوء على حياته،يكتفي بالتذمر من موجات اللجوء،ولم نسمع ان اردنياً واحداً اعتدى لا سمح الله على بيت عائلة سورية،او مس حياتها او عرضها بأي تصرف مشين.

شهدنا ذات القصة في موجات هجرة العراقيين الى الاردن،وكثيرا ما نلتقي اخوة عراقيين في المهجر،فتسمع منهم انهم كانوا قبل سنين في الاردن،ويحكون لك ذكرياتهم السيئة عن الاردن،فترد بأدب ان الهجرة بحد ذاتها غير مضمونة الظروف،لان اللاجئ او المهاجر يأتي الى بلد فقير،بلا موارد،وليس مع اللاجئ اي امكانات،ومن الطبيعي ان يواجه ظروفا صعبة.

السؤال الواجب توجيهه هنا:ماذا نقول عن الدول العربية الثرية جدا مثل العراق وغيرها ،والتي اغلقت حدودها اصلا في وجه السوريين،هذه الفترة،على الرغم من الامكانات المالية الهائلة،ونحن نعرف ان سورية ذات يوم استقبلت ملايين العراقيين،فلم يردوا ربع هذا المعروف السوري،حين دبت الازمات في سورية؟!.

لا ننكر هنا ان هناك اخطاء تقع،وربما هناك اساءة معاملة احيانا،وتجاوزات فردية،غير ان اللجوء بحد ذاته،يبقى صعبا،فكيف حين يكون الى بلد فقير لا يتدبر مصاريف شعبه اصلا،ولديه حسابات امنية وسياسية واقتصادية واجتماعية معقدة؟!.

ذات مرة وفي جولة مع احد وزراء الداخلية السابقين وفي مخيم الزعتري،تم لوم الوزير من اللاجئين السوريين،مرارا اذ قيل له من السوريين لماذا جلبتمونا الى هنا،ولماذا جعلتمونا نترك سورية،ونأتي الى الاردن في هذه الظروف السيئة؟!.

لا اعرف لماذا هناك انطباع عام بين الاخوة السوريين ان الاردن يدعوهم للهجرة،فهذا لم يجر اساسا،وربما سبب الكلام عائد الى خيبات الامل من الظرف الذي وجد اللاجئ نفسه فيه،بعد ان خسر كل شيء في سورية،ولم يجد في الاردن ما يتوقعه؟!.

هذا على الرغم من ان اهم شيء يوفره الاردن،هو امن اللاجئ في حياته ودمه وعرضه،وحمايته بعيداً عن القتل والقصف والاذى.

السوريون يتوعدون الاردن،والعراقيون يتوعدون الاردن،والليبيون يتوعدون الاردن،ولم يبق عربي الا وحماه الاردن في عرضه وحياته،فيما النتيجة دوما توعد الاردن،وتمني خرابه حتى يجرب الاردنيون اللجوء،ويشربون من كأسه المر!.

هذا امر مثير للأسى،لان اللاجئ يتوقع من الاردن اكثر من الواقع،ولان لا احد ُيقدّر ما قدمه الاردن ذات محن،باعتبار ان اللاجئ يستحق اكثر،مما وجده خلال حياته في الاردن،الذي بات فعلا مثل رغيف الشعير..»مأكول مذموم».

يكفي الاردن شرفا،انه صان حياة ملايين العرب والمسلمين في فترات مختلفة،وهذه ارواح نجت من الموت بسبب رحمة الله تعالى ثم الاردن وشعبه،ولا يستحق الاردن هذا التوعد،ولا تمني خرابه،لا سمح الله،حتى نصبح كلنا سواء!.

الدستور