لماذا تركتم الغرفة الكبرى في دابوق؟

لماذا تركتم الغرفة الكبرى في دابوق؟
الرابط المختصر

ثبت من العاصفة الثلجية التي ضربت البلاد في الأيام الماضية، أن إدارة الأزمات الكبرى من غرف العمليات الصغيرة لا يجدي نفعا. لاغرفة العمليات في وزارة الداخلية، ولا مثيلاتها في مديريات الأمن العام والدفاع المدني والدرك، أو وزارات الأشغال والبلديات والطاقة، وأمانة عمان، قادرة على التعامل مع حدث كبير بهذا الحجم شل المملكة، وما تزال معالجة آثاره تشكل تحديا يفوق قدرة الأجهزة وإمكاناتها منفردة.أنظروا إلى أكوام الثلج في الشوارع والحارات؛ كيف يمكن التخلص منها قبل أن يؤدي ذوبانها إلى كارثة؟ لاحظوا ما يحصل في موضوع الكهرباء التي فشلت شركاتها، على كثرتها، فشلا ذريعا في الاستجابة للحد الأدنى من شكاوى المواطنين!منذ يوم الخميس على الأقل، كان ينبغي الانتقال إلى مستوى متطور من العمل في إدارة الأزمة، والانتقال إلى غرفة عمليات كبرى. وسيسأل البعض: أين هي هذه الغرفة الكبرى؟ وأجيب أنها موجودة هنا في عمان، وبمواصفات وإمكانات تضاهي مراكز إدارة الأزمات في الدول الكبرى. وقد كلف تشييدها وتجهيزها نحو مئة مليون دينار!في المنطقة المحاذية لمبنى القيادة العامة في منطقة دابوق غرب عمان، دُشن تحت الأرض مبنى ضخم ومحصن ضد كل الأخطار؛ مكون من أربعة طوابق، يضم في جنباته غرفة عمليات مجهزة بأحدث وسائل الاتصال والربط مع كل الوزارات والدوائر الحيوية في المملكة، وتتسع لأكثر من مئة شخص، ومركز سيطرة وتحكم، إلى جانب غرف مصغرة ومكاتب لكبار المسؤولين يستطيعون من خلالها، وعبر شاشات عملاقة، متابعة التطورات الميدانية لحظة بلحظة، واتخاذ القرارات في ضوء الوقائع على الأرض، وتنسيق الجهود الميدانية، وتوظيف الإمكانات المتاحة على نحو ممتاز.وفي المركز أيضا مستشفى صغير، وفندق لمبيت العاملين، وخدمات أخرى متكاملة؛ إلى جانب توفر مهبط للطائرات العامودية، ومركز إسعاف مجهز لخدمة الحالات الطارئة.والأهم من ذلك، أن المركز يضم فريقا من الخبراء المتميزين في إدارة الأزمات، والمؤهلين في أفضل الجامعات، وجلهم من كوادر الجيش الأردني.المركز استقر في مقره الدائم منذ أشهر، بعد أن جرى افتتاحه من دون إعلان أو إعلام. وخلال تلك الفترة، أجرى المركز أكثر من تمرين عملياتي على كيفية التعامل مع الأزمات وإدارتها، أشرف عليها الملك عبدالله الثاني مباشرة. وفي تلك التمارين، جرى امتحان قدرات أجهزة الدولة على إدارة الأزمات، من خلال غرفة العمليات التابعة للمركز.بدلا من أن "يراكض" رئيس الوزراء والوزراء من مؤسسة إلى مؤسسة، واعتماد أسلوب"الفزعة"، كان بوسعهم جميعا، ومن يرغب من مسؤولي الحكومة والأجهزة المختصة، أن ينتقلوا للعمل في غرفة واحدة مجهزة، لا بل والبقاء هناك لأيام مخدومين بأفضل مستوى ممكن من الخدمات الفندقية؛ ففي المركز قاعة "جم" وحمامات "جاكوزي".من غرفة السيطرة في مركز إدارة الأزمات، كان بالإمكان رؤية الصورة كاملة في جميع المحافظات بفضل شبكات الربط الإلكتروني، ومتابعة التطورات مع المسؤولين في الميدان وغرف العمليات في كل مركز محافظة. وبناء على ذلك، يتخذ كل مسؤول، حسب مستواه الوظيفي، القرارات اللازمة والصحيحة.قدرات المركز تصلح لإدارة أزمات إقليمية كبرى. ولا أعلم السبب الذي يحول دون توظيف هذا الصرح العظيم في إدارة أزماتنا، والإصرار الغريب على قاعة صغيرة في وزارة الداخلية، أعظم ما فيها من تجهيزات لا يزيد عن شاشات كمبيوتر كتلك المتوافرة في بيوتنا؟

(الغد)

أضف تعليقك