لا علاقة بين رفع الدعم و قوة الدينار

لا علاقة بين رفع الدعم و قوة الدينار
الرابط المختصر

في مشهد اقل ما يوصف بأنه تراجيدي، وضح رئيس الوزراء من على شاشة التلفزيون الاردني ما يمكن ان يواجه الدينار الاردني من تحديات.

بعد ان حدّد الرئيس اولوية الحكومة بالحفاظ على سعر صرف الدينار، ذهب الى ربط غريب بين قرار رفع الدعم من جهة ودفع المخاطر عن العملة الوطنية من جهة اخرى.

بل إن الرئيس ذهب ابعد من ذلك ليضع الاردنيين امام خيارين لا ثالث لهما: رفع الاسعار او سعر صرف الدينار!!

تناول الكتاب والزملاء الصحافيين لتصريحات النسور جاء من زاويتين.

الاولى تنتقد وتفند ارقام الدعم التي استند اليها و تطالب بإفصاح شفاف عن فاتورة الدعم من جهة والضرائب المحصلة على المحروقات من جهة اخرى.

أما الثانية فتناولت الحلول والبدائل المتوفرة امام الحكومة لردم العجز في موازنة الدولة وبالتالي الحفاظ على قيمة الدينار بعيدا عن المغامرة باللجوء الانتحاري الى جيوب المواطنين مرة اخرى.

بيد أن تصريحات الرئيس وزوايا الانتقاد السابقة لم ترو عطش المتسائلين عن العلاقة بين الدعم وسعر الصرف، واذا ما كان هناك علاقة فعلية و حقيقية بين الاثنين من حيث المبدأ.

بعد البحث والتحري جاءت النتيجة مفاجئة بأن رفع الدعم عن المحروقات والسلع الاخرى ومن ثم تخفيض عجز الموازنة والمديونية لن يوفر اية حماية تذكر للعملة الوطنية من التحديات التي المح لها الرئيس على المديين البعيد والمتوسط.

فكما أوضح دولة الرئيس في المقابلة نفسها، يتأثر سعر صرف الدينار فقط عندما تتراجع احتياطات البنك المركزي والبنوك التجارية من الدولار والعملات الصعبة، و هو ما لا يتأثر بالسعر النهائي لمنتجات الطاقة و غيرها من السلع المدعومة.

ذلك ان رفع الدعم عن هذه السلع مع تعويض المستحقين لن يتسبب بأي انخفاض جوهري على فاتورة الطاقة المستوردة سنويا بالعملة الصعبة، وبما يعني ان تراجع الاحتياطات سيستمر الى ان تأتي الدولة إما بما يخفض فاتورة الطاقة او بما يرفد المملكة بمزيد من العملات الاجنبية.

بل ان المفارقة الاكثر مفاجأة للغالبية العظمى من الناس تأتي بعكس ما صرّح به رئيس الوزراء.

ذلك ان استمرار العجز في الموازنة وارتفاع المديونية قد يكون سببا في رفع احتياطات المملكة من الدولار وبالتالي في دعم العملة المحلية عندما تتم تغطيته بالمنح او القروض الخارجية طويلة الاجل.

ولمن يعترض على الطرح السابق ان يأخذ السنوات السابقة مثالا والتي شهدت ارتفاعات قياسية في مستوى الاحتياطات رغم نسب العجز و المديونية المتفاقمة.

بل إن التمحيص اكثر في تلك الفترة يشير الى دور العجز في استقطاب المنح الخارجية والاستدانة من الخارج وبما سبب في الحالتين تعزيزا للاحتياطات وتحصينا لقيمة الدينار.

بالنتيجة، يمكن الخلاص الى أن مشكلة الدعم تنحصر في مشكلة العجز والمديونية ولا تتعدى ذلك لتصل الى قيمة العملة المحلية او مستوى احتياطات المملكة من العملة الصعبة.

من الجهة المقابلة، يمكن الخلاص ايضا الى ان مخاطر العملة المحلية تنحصر بموضوع فاتورة الطاقة المتفاقمة نتيجة انقطاع الغاز المصري والعوامل النفسية التي دفعت باتجاه الدولرة، وليس لها علاقة بموضوع دعم الاسعار لا من قريب و لا من بعيد.

استخدام رئيس الوزراء لهذه العلاقة المغلوطة بهدف الترويج لقرار رفع الدعم عن المحروقات امر يستغربه كل من يعرف الخلفية الاقتصادية للرئيس المخضرم في المعارضة ومواقع صنع القرار.

العرب اليوم

أضف تعليقك