كيف نصنع الثقة؟

كيف نصنع الثقة؟
الرابط المختصر

العائق الأكبر أمام تقدم عجلة الإصلاح في الأردن يتمحور حول موضوع الثقة, ويبدو أنّ هذا الموضوع لم تتمّ معالجته فضلاً عن حسمه بين الأطراف الرئيسية المؤثرة في العملية السياسية على مستوى الجانب الرسمي, والجانب الشعبي, إذا أردنا الحديث بمستوى مقبول من الصراحة والمكاشفة. 

وعلى أهميّة اللقاءات السابقة التي تمّت, والتي كانت على مستوى رفيع جداً, إلاّ أنّها لم تكن كافية لإزالة التراكمات الكثيرة المتلبدة عبر سنوات طويلة من القطيعة, تخللتها أحداث عديدة, وتصرفات حادّة وإصدار قوانين ونظم محددة ومرسومة سلفاً, وأفعال وردات فعل وتعبئة وتحشيد, وحملات تحريض, مصحوبة بكتابات وتحليلات ممنهجة, أوصلت الأمور إلى هذا القعر من التشكيك وانعدام الثقة. 

ربما يكون الحديث عن الماضي, ونبش الأحداث السابقة, يؤدي إلى مردود عكسي, وليس هذا ما نصبوا إليه جميعاً, وإنّما المراد الاتفاق على حجم الهوّة التي حدثت, والتي لا تردم بسهولة وسرعة, حتى لو أرادت الأطراف ذلك بصدق, وإنّما ما يجب الالتفات إليه هو الهداية إلى المنهج الصحيح والطريق السليم في كيفية المعالجة الشافية, وبعد ذلك جسر الهوّة وبناء الثقة المطلوبة للشروع في مرحلة جديدة ترتكز على التعاون والمشاركة الفاعلة; من أجل تحقيق الإنجاز المطلوب على مستوى الإصلاح الوطني الشامل. 

ويمكن تلمس خارطة الطريق لبناء الثقة من خلال إبراز المحطات التالية: 

توضيح سقف الإصلاح السياسي الذي نسعى له جميعاً, بكامل الصراحة والوضوح, وبيان شكل الأردن الذي نريد أن نسعى للوصول إليه جميعاً من حيث الديمقراطية المطلوبة, مثل كل الديمقراطيات العالمية الموجودة.

وضع الجدول الزمني الذي يمكن فيه تحقيق هذا الإنجاز الإصلاحي المطلوب, فلا أحد يرفض التدرج, ولا أحد يتغافل عن ظروف الأردن الخاصة ووضعها الإقليمي الحساس, ولا أحد ينكر أوضاع الشعب الأردني ومكوناته, وما يتعلق بطموحات وتخوفات كل مكوّن, ولكن ما ينبغي الالتفات إليه هو عدم المبالغة بحسبة الوقت إلى تلك الدرجة التي تبعث على الاحباط واليأس. 

اعتماد أسلوب "المشاركة الشعبية" في كل الخطوات الإصلاحيّة وإعطاء التطمين للقوى السياسية والاجتماعية, من خلال أخذ رأيها قبل الشروع بخطوات حاسمة فوقية علوية تسقط بالمظلة على رؤوس الناس, من دون مناقشة أو معارضة أو حوار.

اعتماد فريق جديد من الشخصيات السياسية الأردنية القادرة على السير في طريق الإصلاح, وقادرة على حمل البرنامج الإصلاحي, إذ ليس من المعقول أنّ الذين أسهموا في صياغة المرحلة السابقة وتحمّلوا مسؤولية الانحطاط السياسي والاقتصادي والاجتماعي والعلمي والتربوي, أن يصبحوا هم روّاد الإصلاح من خلال توجيه الأمر إليهم:"إلى الخلف دُرْ".

أعتقد أنّ هذه المسألة في غاية الأهميّة في صناعة الثقة, ويجب عدم الالتفات إلى مقولة عدم وجود ناس, وعدم وجود شخصيات كفؤة إلاّ أعضاء هذا النّادي الذي "خرّب مالطة".

توضيح مسلسل الخطوات الإصلاحيّة, خطوة, خطوة, وبيان كيف تقضي كل خطوة إلى ما بعدها, فالوصول إلى حكومة برلمانية, يقتضي الخطوات المتدرجة التي توصل إلى هذه المرحلة من خلال تدريب المجتمع, والأجيال الشابّة على الانتقال من الانتخاب على أساس العشيرة والقرية والجهة, إلى الانتخاب على أساس البرنامج السياسي والتوجه الفكري, ومعايير القوّة والأمانة في الشخصيات المطلوبة, والتي تتبلور بقانون انتخاب يجمع مرحليّاً بين القائمة والدوائر, ثمّ الانتقال إلى القوائم الحزبية بشكلٍ كامل على سبيل المثال.

العرب اليوم

أضف تعليقك