كيف نصل إلى تطبيق الحكم المحلي في الأردن؟

كيف نصل إلى تطبيق الحكم المحلي في الأردن؟
الرابط المختصر

تتعدد أنواع اللامركزية ومستوياتها في دول العالم المختلفة، ولكن الفكرة الأساسية المطروحة في الأردن هي تحقيق مبادئ المشاركة الشعبية في صنع القرار، ووضع الأولويات في الإنفاق وتنفيذ المشاريع والمساهمة في الإشراف على الأداء، وتقييم النتائج ومراجعتها، اضافة إلى تعزيز الديمقراطية.

المطلوب على المستوى الأردني هو تطبيق لامركزية إدارية كاملة، والتخفيف من مركزية السلطة في العاصمة ونقل جزء من الصلاحيات والمهام الإدارية والمالية والتنفيذية إلى المحافظات دون الرجوع إلى السلطة المركزية.

كما نصل وفق هذه الرؤية إلى جزء من اللامركزية السياسية من خلال مجالس منتخبة وتفرغ مجلس النواب للعمل السياسي والرقابي والتشريعي مع تحقيق جزء من اللامركزية المالية، فيتم تحديد أوجه الإنفاق وأولوياته من خلال المحافظات، دون إعطائها الصلاحيات في فرض الرسوم وتحديد الضرائب والمداخيل لهذه الوحدات.

أثبتت التجارب العالمية أن تطبيق اللامركزية حقق خطوات مهمة في مجال التنمية الشاملة، كما أن تمركز الصلاحيات والقرارات في المركز يؤدي إلى تداخل بعض الخدمات واهدار للمال العام وزيادة البيروقراطية الادارية. يبقى السؤال المهم هو آلية الانتقال إلى اللامركزية والطرق المناسبة لتحقيق الأهداف المرجوة من المشروع والخروج من الأفكار المتناقضة والمتعثرة التي لم تظهر مشروعا مقبولا حتى تاريخه منذ سنوات.

تقترح هذه الورقة تحقيق مبدأ اللامركزية من خلال مشروع الحكم المحلي، والانتقال من مستوى الإدراة المحلية إلى مفهوم الحكم المحلي الكامل من خلال البلديات الـ 93 مع إعادة صلاحيتها ومسؤولياتها الأساسية، ووضع خطة لإصلاح البلديات وتأهيلها لتنفيذ مشروع اللامركزية الذي نقترحه.

عرف القانون الأردني البلدية بأنها مؤسسة أهلية مستقلة أي ليست حكومية، ويجري انتخاب مجلسها البلدي مباشرة من المواطنين القاطنين ضمن حدود البلدية، وبالرجوع إلى نشأة البلديات في الأردن يتضح أن أغلب المراكز الحضرية مراكز المحافظات حاليا تم تأسيس بلدياتها منذ ما يزيد عن مئة عام.

وتم تأسيس هذه البلديات لخدمة مجتمعاتها ابان الحكم العثماني للمنطقة، بسبب ضعف الدول العثمانية، وصعوبة سيطرتها على الأطراف، ونشوء حركات التذمر في المناطق العربية ضد السلطة المركزية وممثليها بالأقاليم العربية، بسبب تغييب حقوق الرعايا العرب في الدولة، مما دفع السلطة المركزية لمنح هؤلاء حقوقهم في إدارة شؤونهم المحلية.

 كما لجأت الدولة العثمانية منذ ستينيات القرن التاسع عشر إلى تحديث نظام إدارة الدولة أسوة بالدول الأوروربية والتوجه نحو اللامركزية، وتفويض نظام الخدمات المحلية للمجالس المحلية لتنفيذها.

ومنذ نشاة الدولة الأردنية الحديثةعام 1921، توالى تأسيس البلديات في مناطق التجمعات السكانية للقيام بخدمة السكان والمجتمعات المحلية الناشئة، وقامت البلديات في الأردن منذ تأسيسها بأداء واجبها تجاه المجتمعات.

وبحسب قوانين البلديات المتلاحقة وتعديلاتها التي صدر أولها عام 1925، وبالرجوع إلى القوانين المختلفة، نجد أن البلديات بدأت كحكومات محلية كاملة الصلاحيات في إدارة شؤونها ضمن حدودها وتشمل مسؤولياتها تقديم الخدمات في الشؤون التنظيمية والتعليمية الصحية والثقافية والترفيهية، بالإضافة إلى مهامها اليومية في خدمة السكان ، ووصل عدد هذه المسؤوليات إلى 39 خدمة أو صلاحية إدارية أنيطت مهام تنفيذها إلى المجالس البلدية.

تم سحب جزء كبير من صلاحيات البلديات واختصاصتها وتحويلها إلى المركزية، ولتحقيق الحكم المحلي يجب إعادة هذه الصلاحيات التي هي من صلب عمل البلديات وهي خدمات أساسية مثل التعليم الأساسي والرعاية الصحية الأولية، الرقابة الصحية والغذائية، والنقل العام، خدمات المياه والصرف الصحي، الكهرباء والغاز، الأنشطة الثقافية والرياضية والترفيهية ،الدفاع المدني مشاريع الإسكان للمواطنين كذلك المشاريع التنموية الاستثمارية التي قد تحد من من مشكلتي الفقر والبطالة.

ويتطلب ذلك تعديل التشريعات والقوانين لإعادة هذه المسؤوليات إلى مؤسسات البلديات لتقديمها إلى المواطنين بدلا من تقديمها من الحكومة المركزية، مع ترافق نقل هذه الصلاحيات إلى إعادة صياغة قانون البلديات بما يضمن قيام المجالس المحلية المنتخبة بتأدية واجباتها ومسؤولياتها وأن تكون مسؤولة أمام المواطنين وتحت رقابتهم في تنفيذ المشاريع حسب أولوياتهم واختياراتهم ومشاركتهم بصنع القرار وتنفيذه عن طريق ممثليهم. يجب أن تراعي التشريعات الجديدة أمور مهمة منها:

تصحيح التمثيل للمواطنين في المجالس المحلية المنتخبة بحيث تعبر عن السكان بطرق صحيحة، وبحيث تكون هناك لجان محلية لكل منطقة من مناطق البلديات مخولة بتحديد الأولويات وأوجه الإنفاق.

تحقيق استقلالية المجالس المحلية، وإزالة هيمنة وزارة البلديات عليها، بحيث تستطيع اتخاذ قراراتها وتنفيذ مسؤولياتها بيسر وسهولة ودون وجود عراقيل أو تقييد لأداء مسؤولياتها.

إنشاء وزارة الحكم المحلي كوزارة مهمتها رقابة عمل المجالس البلدية ومدى التزامها بالقوانين وتأديتها لواجباتها.

إيجاد نظام رقابة ومساءلة يمكن المجالس البلدية وأجهزة الرقابة الرسمية والشعبية من محاسبة البلديات ومجالسها وموظفيها عن أي تقصير حيث لا صلاحيات دون مساءلة.

وضع معايير وأدوات لقياس جودة الأداء الخدمي والمالي والاداري وتوافقه مع القوانين والخطط السنوية الموضوعة من المجلس وقياس الإنجاز وانعكاسه على متطلبات متلقي الخدمة ورضاهم ومساهمة المشاريع بتحقيق التنمية المنشودة.

* مقال سابق للمهندس وليد المصري قبل توليه حقيبة البلديات في التعديل الأخير

أضف تعليقك