كم من التأكيدات لدحض نظرية المؤامرة

كم من التأكيدات لدحض نظرية المؤامرة
الرابط المختصر

نفترض أن تأكيدات جلالة الملك قد وضعت حدا لكل شك في إجراء الانتخابات النيابية "إننا ملتزمون بإجراء الانتخابات النيابية في الربع الأخير من هذا العام.. والحكومة تقوم بوضع كل الاجراءات والترتيبات".

البعض استمر يتساءل، مشككا، لماذا لم تحدد الحكومة بعد تاريخ الانتخابات، ونحن نعتقد أنه اذا لم يتحدد اليوم بعد، فلأن الحكومة ما يزال لديها متسع لذلك، والحديث عمليا يدور عن أحد أيام النصف الأول من شهر تشرين الثاني.

ليس في هذا المجال فحسب، فقد أعطى الخطاب الملكي تأكيدات واضحة وقاطعة في عدّة محاور، ونحن نتساءل إذا كان قد بقي من مبرر للشكوك والتخمينات. فبشكل عام لا يفلت مشروع داخلي واحد من هذا، ونتذكر كيف أن مشروع الأقاليم قد فتح الباب واسعا لتخمينات حول صفقة إقليمية مقبلة يتم التحضير لها، وقد طُوي مشروع الأقاليم لأسباب محلية بحتة، هي تفضيل اللامركزية على مستوى المحافظات. وما أن حُلّ مجلس النواب والانتخابات حتى فُتح الباب للتخمينات نفسها حول صفقة عتيدة كامنة خلف الباب، وهي تدور حول الدور الاردني في ترتيبات الحل النهائي.

والحديث عن ترتيبات وأدوار مقبلة، يسقط على تربة مواتية من التوترات الداخلية، على خلفية ديمغرافية (اقليمية)، فتنتعش المخاوف والتوجسات أكثر. وقد أصبح الحديث عن الدور الأردني في الحلّ والوطن البديل وكأنهما مترادفان أو اثنان في واحد، ما اضطر القيادة أن تعلن المرّة تلو المرّة أنه لا وجود للخيار الأردني إلا في الخيال المريض لبعض غلاة الصهاينة. ولا دور أردنيا بأي صورة من الصور في الضفة الغربية إلا دور الدعم الثابت لحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير وقيام دولته المستقلّة على أرض فلسطين.

في هذا الخطاب طلب جلالة الملك أن نكون متأكدين، وكرر مرتين "لن نقبل بأي حلّ للقضية الفلسطينية على حساب الأردن"، وحسم بأنه لن يكون للأردن أي دور غير دعم الأشقاء الفلسطينيين حتى يقيموا دولتهم المستقلّة على ترابهم الوطني. وأردف أن أي كلام غير هذا هو نوع من الضغط على الأردن تمارسه جهات خارجية بسبب موقفه الداعم للأشقاء الفلسطينيين.

وقد تلقف البعض هذه العبارة الأخيرة ليقرأ فيها ما كان يتمّ تداوله من حين لآخر عن ضغوط وترغيبات لانخراط الأردن بدور ما، وأحد السيناريوهات المعروفة عودة أجزاء من الضفّة منزوعة السيادة إلى الأردن، بينما السياق الواضح للعبارة هو أن هذه الطروحات هي نوع من التشويش والإرباك لدور الأردن الداعم للنضال الفلسطيني من أجل الحرية والاستقلال.

نظرية المؤامرة، عموما، متمكنة من ثقافتنا العامّة بصورة لا حول لنا ولا قوّة معها، والخطورة أن الترويج لوجود مشروع حقيقي قد ينخرط الأردن أو يجبر على الانخراط فيه، يغذي التوتر الداخلي من دون مبرر موضوعي.

جلالة الملك يضطرّ مجددا وبأوضح وأقوى عبارات ممكنة لنفي هذه الأقاويل، التي لا وظيفة لها سوى زعزعة الثقة، وتهديد الوحدة الوطنية.

أضف تعليقك